الأسبرين يقلل من انتشار بعض أنواع السرطان عن طريق تحفيز جهاز المناعة

كتبت: أمنية شكري
كشف العلماء في دراسة جديدة، ممولة جزئيًا من المجلس الطبي للبحوث، أن الأسبرين يقلل من انتشار بعض أنواع السرطان عن طريق تحفيز جهاز المناعة. نُشرت الدراسة في مجلة "نيتشر"، وأكد العلماء أن هذا الاكتشاف سيدعم التجارب السريرية الحالية، وقد يؤدي إلى استخدام الأسبرين بشكل موجه للوقاية من انتشار أنواع معينة من السرطان، بالإضافة إلى تطوير أدوية أكثر فاعلية لمنع انتقال السرطان.
تأثير الأسبرين في تقليل انتقال السرطان
حذر العلماء من أن الأسبرين قد يسبب آثارًا جانبية خطيرة لدى بعض الأشخاص. وهم حاليًا بصدد إجراء تجارب سريرية لتحديد كيفية استخدامه بشكل آمن وفعّال للوقاية من انتشار السرطان. لذا يجب على الأشخاص استشارة طبيبهم قبل البدء في تناوله.
الأسبرين في الوقاية من السرطان
لقد لاحظت الدراسات السابقة على مرضى السرطان أن الأشخاص الذين يتناولون جرعات منخفضة من الأسبرين يوميًا شهدوا انخفاضًا في انتشار بعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي، سرطان القولون، وسرطان البروستاتا، مما أدى إلى تجارب سريرية قيد التنفيذ. ومع ذلك، لم يكن من الواضح حتى الآن كيف يمنع الأسبرين انتقال السرطان.
دراسة جامعة كامبريدج: الأسبرين يقلل من انتقال السرطان
في الدراسة التي قادها باحثون من جامعة كامبريدج، اكتشف العلماء أن الأسبرين يقلل من انتقال السرطان عن طريق آلية غير متوقعة. كانت هذه الدراسة تركز على عملية الانتقال، حيث أن السرطان رغم بدءه في جزء واحد، فإن 90% من وفيات السرطان تحدث عندما ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
البحث العلمي حول تأثير الأسبرين على جهاز المناعة
أجرى الباحثون دراسات على الفئران، حيث قاموا بفحص 810 جينات، واكتشفوا أن 15 منها تؤثر في انتقال السرطان. على وجه الخصوص، اكتشفوا أن الفئران التي تفتقر إلى الجين المسؤول عن إنتاج بروتين يسمى ARHGEF1 كانت أقل عرضة لانتقال السرطان إلى الرئتين والكبد.
كما حدد العلماء أن ARHGEF1 يثبط خلايا مناعية تعرف باسم "الخلايا التائية" التي يمكنها التعرف على وقتل الخلايا السرطانية المنتشرة.
الأسبرين وتوجيه الخلايا التائية لمكافحة السرطان
لتطوير علاج يستفيد من هذا الاكتشاف، كان على العلماء أن يجدوا طريقة لاستهداف هذه الآلية باستخدام الأدوية. من خلال تتبع إشارات الخلايا، اكتشف العلماء أنه عندما تتعرض الخلايا التائية لعامل التخثر المسمى ثرومبوكسين TXA2، يتم تنشيط ARHGEF1 كانت هذه النتيجة غير متوقعة، حيث أن TXA2 معروف بالفعل ويعتبر جزءًا من آلية عمل الأسبرين.
كيف يعمل الأسبرين في هذا السياق؟
TXA2 يتم إنتاجه بواسطة الصفائح الدموية، وهي خلايا دم تساعد في تجلط الدم ومنع النزيف، لكنها قد تؤدي أيضًا إلى نوبات قلبية وسكتات دماغية. يعمل الأسبرين عن طريق تقليل إنتاج TXA2، وبالتالي منع تخثر الدم وبالتالي منع النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
نتائج الدراسة الجديدة حول الأسبرين والسرطان
اكتشفت الدراسة الجديدة أن الأسبرين يقلل من TXA2، مما يزيل تثبيط الخلايا التائية، وبالتالي يساهم في الحد من انتشار السرطان. أظهرت تجربة أجريت على نماذج فئران مصابة بالميلانوما أن الأسبرين قلل من معدل الانتقال مقارنة بالفئران التي لم تتناول الأسبرين، وذلك بسبب إزالة تثبيط TXA2 للخلايا التائية.
التطبيقات المستقبلية للأسبرين في علاج السرطان
قال البروفيسور راهول رويتشودري من جامعة كامبريدج، الذي قاد البحث: "على الرغم من التقدم في علاج السرطان، يعاني العديد من مرضى السرطان المبكر من انتكاس المرض بسبب الميكروتحولات – عندما تنتشر خلايا السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم لكنها تبقى في حالة سبات."
وأضاف: "معظم العلاجات المناعية تم تطويرها لعلاج السرطان بعد انتقاله، لكن عندما يبدأ السرطان في الانتشار لأول مرة، هناك نافذة علاجية فريدة حيث تكون الخلايا السرطانية عرضة للهجوم المناعي، وهذا ما نأمل أن تستهدفه العلاجات المستقبلية، لمنع الانتكاس لدى المرضى المصابين بالسرطان في مرحلة مبكرة والذين هم معرضون لخطر الانتكاس."
خطط البحث المستقبلية وتحويل الاكتشافات إلى علاج عملي
قال الدكتور جيه يانج -الذي أجرى البحث في جامعة كامبريدج-: "كانت لحظة 'وجدتها!' عندما اكتشفنا أن TXA2 هو الإشارة الجزيئية التي تنشط المؤثر المثبط في الخلايا التائية. لم نكن ندرك في السابق أهمية اكتشافنا لفهم آلية تأثير الأسبرين في مكافحة انتقال السرطان."
وأضاف: "قد يكون الأسبرين أو الأدوية الأخرى التي تستهدف هذه المسار أقل تكلفة من العلاجات بالأجسام المضادة، وبالتالي ستكون أكثر وصولاً على مستوى العالم."
التعاون مع تجارب سريرية
في المستقبل، يخطط الباحثون لتحويل عملهم إلى ممارسة سريرية محتملة من خلال التعاون مع البروفيسورة روث لانغلي من وحدة التجارب السريرية في معهد أبحاث الطب الحيوي بجامعة لندن. تقوم البروفيسورة لانغلي بقيادة تجربة "Add-Aspirin" السريرية لتحديد ما إذا كان الأسبرين يمكنه منع أو تأخير عودة السرطان في مراحله المبكرة. لم تشارك البروفيسورة لانغلي في هذه الدراسة، لكنها علقت قائلة: "إنه اكتشاف مهم. سيمكننا من تفسير نتائج التجارب السريرية الجارية وتحديد من هم المرضى الذين قد يستفيدون من الأسبرين بعد تشخيص السرطان."
وأضافت: "قد يسبب الأسبرين آثارًا جانبية خطيرة لدى عدد قليل من الأشخاص، بما في ذلك النزيف أو قرحة المعدة. لذلك، من المهم معرفة أي مرضى السرطان قد يستفيدون من الأسبرين، وأهمية استشارة الطبيب دائمًا قبل البدء في تناوله."