أمل العشماوي: «جثة على الهامش».. بداية سلسلة جريمة تقلب الموازين وتفضح المسكوت عنه

حوار: ياسمين مجدي عبده
بين رائحة الغموض، وأنفاس الحكايات المختبئة خلف العيون، تسير الكاتبة أمل العشماوي على خيط رفيع بين الواقع والخيال، تكتب لتتنفس، وتروي لتفهم. في هذا الحوار، تكشف لنا عن عالمها الخاص، وعن روايتها الجديدة "جثة على الهامش"، التي تفتتح بها سلسلة روائية تنتمي إلى أدب الجريمة.
من هي أمل العشماوي بعيدًا عن العناوين؟
أنا كاتبة وروائية مصرية. تخرجت في كلية التجارة بجامعة الإسكندرية، لكن شغفي الحقيقي كان دومًا الكتابة. بدأت رحلتي الأدبية بإصدار روايتي الأولى "زهور برائحة الموتى" عام 2022، ثم "غبار الملاك" في العام التالي. إلى جانب ذلك، صدرت لي مجموعتان قصصيتان هما "كفن حرير" و*"الحياة بعيون المنسيين"*، وكل عمل هو محاولة لفهم النفس البشرية بشكل أعمق.
دعينا نقترب أكثر من عالم روايتك الأخيرة "جثة على الهامش"، كيف ولدت هذه الفكرة؟
الرواية هي الجزء الأول من سلسلة تحمل اسم "المترصِّد"، وهي روايات بوليسية يتولى كشف ألغازها بوكتيوبر يُدعى "شاكر المنياوي". في هذا الجزء، نتابع جريمة غامضة ضحيتها امرأة مسيحية تدعى "مارية نصري"، عُثر على جثتها في قرية مصرية نائية جميع سكانها من المسلمين. لا أحد يعرف كيف وصلت إلى هناك، أو أين كانت طيلة السنوات الأربع التي اختفت خلالها. الرواية تتبع محاولات شاكر لفك خيوط هذه الجريمة، وكشف أسرار أهل القرية.
لماذا اخترتِ هذا الموضوع تحديدًا؟ وهل السلسلة فكرة قديمة لديك؟
الحقيقة أن فكرة كتابة سلسلة في أدب الجريمة جاءت بتشجيع من دار النشر "المحرر"، وكان ذلك تحديًا بالنسبة لي، خصوصًا أنني لم أكتب من قبل في هذا النوع بشكل كامل. تخيلت ملامح امرأة جميلة تختفي فجأة لسنوات، وبدأت أتساءل: ماذا جرى لها؟ أين كانت؟ ماذا رأت؟ تدريجيًا، تجمعت لديّ الخيوط، وبدأت أرسم عالم الرواية. كانت التجربة مشحونة بالعواطف، خصوصًا أنني تعايشت كثيرًا مع معاناة بطلتها، لكن شعور الإنجاز في النهاية كان يستحق.
كيف ترين مستقبل الأدب في ظل اجتياح الذكاء الاصطناعي؟
أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيغير قواعد اللعبة. قدرته على إنتاج نصوص وصياغة جمل وحتى تقليد الأساليب باتت مذهلة. لكن في النهاية، الأدب الجيد سيظل مرتبطًا بعمق الفكرة وتفرّد الرؤية وغزارة الإبداع. لن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الكاتب الحقيقي، لكنه سيدفعنا إلى تطوير أدواتنا باستمرار.
هل تحمل "جثة على الهامش" رسالة إنسانية؟
بالتأكيد. الرواية تطرح سؤال العدالة في مجتمع تُعلي فيه بعض الانتماءات على حساب الإنسان. رسالتي أن العدالة لا تعرف دينًا ولا لونًا. كل إنسان يستحق أن تُسمع قصته، وأن يُنصف بصرف النظر عن خلفيته. كما أنني أؤمن أن لكل إنسان الحق في اختيار مستقبله، وأن الأهل يجب أن يكونوا سندًا لا قيدًا.
قلتِ في أكثر من موضع إنك تكتبين عندما تغضبين، هل الكتابة عندك وسيلة للنجاة أم للمواجهة؟
الكتابة عندي ليست هروبًا بل مواجهة. حين أغضب أو أشعر بالعجز، أختار أن أواجه ذلك على الورق. أُفرغ مشاعري، أحاول فهمها، وأحيانًا أتصالح معها. الكتابة تعيد لي توازني الداخلي، وتمنحني منظورًا أوسع للحياة.
وأخيرًا... ما نصيحتك لمن يريد أن يخوض غمار الكتابة؟
الكتابة ليست قرارًا تتخذه، بل نداء داخلي لا يمكنك تجاهله. إن كانت لديك هذه النار، لا تطفئها. اكتب، ولو كنت تظن أنك لست مستعدًا. الالتزام، والقراءة، والصدق مع الذات هي مفاتيحك. لا تنتظر الكمال، فقط ابدأ.