مصطفى صلاح يكتب: خالد البلشي القائد الذي لا يساوم على حرية الصحافة

خلال فترة قيادته لنقابة الصحفيين، أثبت خالد البلشي أنه ليس مجرد نقيب، بل كان قائدًا حقيقيًا في عالم الصحافة ورمزًا للنضال الصحفي والمهنية في مصر. كانت فترته في النقابة مرحلة فاصلة مليئة بالتحديات، لكنه استطاع تحويل تلك التحديات إلى فرص، ليعيد للنقابة قوتها ودورها المحوري في الدفاع عن حقوق الصحفيين وحرياتهم. كان البلشي دائمًا في صدارة المعركة من أجل حرية الصحافة، وعلى مدى فترته، أرسى مفاهيم جديدة للعمل النقابي وجعل النقابة مركزًا حيويًا يدافع عن الصحفيين ويقدم لهم الدعم في كل جوانب حياتهم المهنية والشخصية.
منذ بداية توليه مسؤولية النقابة، كان البلشي يعرف جيدًا أن التغيير لا يأتي بالكلام بل بالأفعال. وبالفعل، بدأ في العمل على تحسين حياة الصحفيين بشكل ملموس. لم يكن اهتمامه مقتصرًا على المسائل المهنية فقط، بل كانت لديه رؤية شاملة للنهوض بالصحفيين في جميع جوانب حياتهم. عمل على تحسين الخدمات الصحية والاجتماعية المقدمة لأعضاء النقابة، وكان يسعى دائمًا لتقديم الدعم الفعلي في الأوقات الصعبة. لذلك، كانت النقابة تحت قيادته بمثابة حصن للصحفيين، حيث يمكنهم اللجوء إليها في الأزمات، سواء كانت صحية، مالية أو اجتماعية.
إحدى أولويات البلشي كانت الدفاع عن حرية الصحافة بكل شجاعة. في وقت كانت فيه الصحافة المصرية تمر بمرحلة صعبة، كان البلشي يقف دائمًا في الصفوف الأمامية ضد أي محاولات لتقييد حرية التعبير أو انتهاك حقوق الصحفيين. كان يتحدث بحسم عن ضرورة حماية الصحافة المستقلة من التدخلات السياسية والرقابية. وفي كثير من الأحيان، كان البلشي يشدد على أن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة تتطلب الشجاعة والقدرة على مواجهة الضغوط والتحديات. لم يكن البلشي يقتصر على الحديث عن هذه القضايا، بل كان يعمل جاهداً على تطبيق حلول عملية، وكان له دور محوري في التصدي للعديد من القوانين التي قد تؤثر سلبًا على الصحافة، ودافع عن الصحفيين الذين كانوا يتعرضون للتهديدات والملاحقات القضائية بسبب ممارستهم مهامهم الصحفية.
لم يكن البلشي يكتفي بالدفاع عن حقوق الصحفيين فقط، بل كان يبذل جهدًا كبيرًا من أجل تطوير المهنة نفسها. سعى لتحسين مهارات الصحفيين من خلال دورات تدريبية وورش عمل تواكب التطورات التكنولوجية والإعلامية. كان يعلم أن الصحافة تواجه تحديات كبيرة في عصر التحول الرقمي، لذا كان يحرص على تقديم الفرص لأعضاء النقابة لتطوير مهاراتهم والتكيف مع هذه التغييرات. كما كان دائمًا يركز على أهمية تعزيز المهنية في العمل الصحفي، وتأكيد أن الصحفي يجب أن يكون في خدمة الحقيقة والمجتمع وليس في خدمة أي أجندة شخصية أو حزبية.
بجانب تلك الإنجازات، كان البلشي يقود أيضًا معركة صعبة من أجل تحسين أوضاع الصحفيين المعيشية. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تواجه العديد من الصحفيين، أظهر البلشي قدرة فائقة على إيجاد الحلول الواقعية. كان دائمًا يسعى لضمان أن يحصل الصحفي على حقوقه بشكل عادل، سواء على مستوى الأجور أو التسهيلات التي تقدمها النقابة لأعضائها. كان البلشي يعتقد أن الصحفي الذي يعاني من ضغوط الحياة اليومية لن يستطيع أن يقدم العمل الصحفي المتميز، ولذلك كان يسعى جاهداً لتخفيف تلك الأعباء عن كاهل الصحفيين.
وفي الوقت الذي كانت فيه النقابة تواجه تحديات من عدة جهات، استطاع البلشي أن يبقي النقابة مركزًا ثابتًا لا يهتز. لم يكن سعيه لرفعة الصحفيين مجرد هدف شخصي، بل كان نابعًا من قناعة عميقة بأن الصحافة الحرة والمستقلة هي أساس بناء الديمقراطية في أي مجتمع. فقد كان البلشي دائمًا يتحدث عن الدور الحيوي الذي تلعبه الصحافة في تحقيق العدالة الاجتماعية، وكان يصر على أن الصحافة يجب أن تكون صوت المواطن وحارسًا للحقوق المدنية.
إن فترته في النقابة كانت علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية، حيث تمكن البلشي من ترسيخ معايير جديدة للعمل النقابي الصحفي. ورغم كل التحديات، كانت النقابة تحت قيادته نموذجًا حيًا للعمل الجماعي والاحترافية في خدمة قضايا الصحفيين. لقد كان البلشي قائدًا استطاع أن ينقذ النقابة من الأزمات، ويحولها إلى مؤسسة قوية تمثل الصحفيين بكل فئاتهم.
اليوم، عندما نتحدث عن خالد البلشي، فإننا لا نتحدث فقط عن نقيب صحفيين، بل نتحدث عن قائد له رؤية واضحة، ونضال مستمر من أجل تحسين أوضاع الصحفيين وحماية حرية الصحافة. لقد ترك البلشي بصمة لا تُنسى في تاريخ الإعلام المصري، وسيظل اسمه مرتبطًا بالعديد من الإنجازات التي ساهمت في الحفاظ على الصحافة الحرة والمستقلة، وفي تقديم نموذج حي لكيفية قيادة نقابة صحفية بكل حكمة وحب تجاه مهنة الصحافة.