روسيا ليست غزة.. تهديدات ترامب لموسكو قد تأتي بنتائج عكسية
كتب : د . مجدي كامل الهواري
أثارت تهديدات دونالد ترامب الرامية لإرغام موسكو على إنهاء الحرب مع أوكرانيا استياء بعض الساسة والقوميين في روسيا الذين يقولون إن تكتيكات ترامب تنذر بالسوء فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق، و وصفوها بأنها "لا تنم عن احترام" و"مهينة" و"غير قائمة على معلومات سليمة".
وقال ترامب، الأربعاء الماضى ، إنه سيفرض على الأرجح عقوبات وضرائب و رسوما جمركية جديدة على روسيا التي قال إن اقتصادها ينهار، وإنه سيفرض عقوبات أيضاً على حلفاء موسكو، ما لم يتوصل الرئيس فلاديمير بوتين إلى اتفاق معه "قريباً" لإنهاء الصراع.
وفي محاولة فيما يبدو لموازنة تهديده بالمجاملة، قال ترامب إنه يتعين عدم نسيان أن روسيا ساعدت الولايات المتحدة في الفوز بالحرب العالمية الثانية، وأخطأ قائلاً إن الاتحاد السوفييتي خسر 60 مليون شخص في ذلك الصراع مناقضاً تقديرات السلطات الروسية التي قالت إن العدد بلغ 26.6 مليون شخص.
ولم يتحدث بوتين و ترامب هاتفياً منذ تنصيب الرئيس الأمريكي. و هوّن الكرملين من شأن تهديد ترامب، قائلاً إنه "لم ير أي جديد بشكل خاص بهذا الصدد".
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: "نحن نرصد بعناية كل الفروق الدقيقة. ما زلنا مستعدين للحوار، وتحدث الرئيس بوتين كثيراً عن هذا.. عن حوار على قدم المساواة.. عن حوار يقوم على الاحترام المتبادل"
لكن بيسكوف رد على تصريح ترامب عن الحرب العالمية الثانية، قائلاً إن الاتحاد السوفييتي قدم أكبر مساهمة في الانتصار على ألمانيا النازية. وأشار أيضاً إلى خطأ ترامب في عدد قتلى الحرب.
وتحدث آخرون بوضوح أكبر، قائلين إن ما وصفوه بموقف ترامب المتشدد تجاه روسيا جعل التوصل إلى اتفاق سلام أقل احتمالاً.
وأشار نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيف إلى أن ترامب لم يطالب أوكرانيا بأي شيء في نفس المنشور على موقع تروث سوشيال.
وقال كوساتشيف في بيان: "هذا يؤكد أن مستوى فهمه لأسباب الأزمة الأوكرانية والحالة الراهنة وآفاق حلها يكاد يكون على نفس مستوى فهمه لمسار الحرب العالمية الثانية ونتائجها.. وهذا أمر لا يدعو سوى للأسف والقلق".
و عبّر مدونو الحرب المؤثرين الذين يقرأ ملايين الروس مدوناتهم، ويعملون بترخيص من السلطات، عن غضبهم.
وقال أحدهم، وهو فوينكور كوتونوك، إن تصريح ترامب "مهين و ينم عن التكبر و الزهو بالنفس". و تكهن مراسل الحرب ألكسندر كوتس بأن وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط أعطى ترامب شعوراً زائفاً بالقوة المطلقة.
وكتب كوتس يقول: "روسيا ليست قطاع غزة. والبدء في حوار بإنذارات ليس الخطوة الأكثر حكمة من زعيم يدعي أنه صانع سلام. موسكو لن توافق أبداً على أي صفقات يمليها الابتزاز والتهديدات"
وقال سيرغي ماركوف، المستشار السابق للكرملين، إن تصرفات ترامب حتى الآن تشير إلى أنه لن يستطيع إحلال السلام في أوكرانيا. وقال فلاديمير سولوفيوف، مقدم البرامج الحوارية البارز في وسائل الإعلام الحكومية، إن تهديدات ترامب تثبت أنه عدو.
و أضاف سولوفيوف بغضب لمستمعيه "هل هذه هي الطريقة الملائمة للتحدث مع روسيا العظيمة؟".
وكان عباس جالياموف، كاتب خطابات بوتين السابق والذي تصنفه روسيا الآن "عميلاً أجنبياً"، من بين الذين قالوا إنهم يعتقدون أن نهج ترامب العنيف قد يأتي بنتائج عكسية، في إشارة إلى الاعتقاد بأن بوتين لا يروقه فعل أي شيء تحت الضغط العام مما قد يفسر على أنه علامة ضعف.
وكتب جالياموف على مدونته "كان بوسع ترامب أخذ وقته (بشأن أوكرانيا)، لكنه قرر عدم إطالة الأمور وبدأ ببطء في ممارسة الضغط" على روسيا. و أضاف "هناك احتمال أن يرد بوتين الضربة وتصل الأمور إلى مأزق".