دينا القمحاوي: أكتب بنَفَسٍ صوفيٍّ وأعشق التاريخ المصري.. والكلمة مسؤولية

حوار: ياسمين مجدي عبده
وسط الزخم الأدبي الذي شهده معرض القاهرة الدولي للكتاب مؤخرًا، لفتت رواية "بنات سخمت" الأنظار، تلك التي صدرت عن دار "أكتب" وكتبتها الأديبة دينا القمحاوي، التي تميل في كتاباتها إلى الأدب الصوفي وتغوص في أعماق التاريخ المصري. كان لنا معها هذا الحوار الذي تأرجح بين محطات حياتها، ومفاتيح تجربتها الأدبية، وبين ما تحمله من رؤى وتأملات حول الكتابة والحياة.
- بدايةً، كيف كانت انطلاقتك في عالم الكتابة؟
أنا في الأصل صيدلانية، عملت في مجال الصيدلة لمدة خمسة وعشرين عامًا. ثم قررت الاستقالة والاتجاه نحو شغف آخر لم أكن أتوقعه يومًا: كتابة الروايات. لم تكن الكتابة جزءًا من عاداتي اليومية، ولم أتخيل يومًا أنني سأصبح روائية. جاءت الموهبة صدفة، لكنها كانت صدفة تحمل في طيّاتها يقينًا جديدًا.
- ومن أول من دعمك في هذه الرحلة؟
أصدقائي على موقع فيسبوك كان لهم الفضل الأول، بدعمهم وتشجيعهم لي، بدأت أنشر أولى كتاباتي، ومع كل تفاعل إيجابي كنت أزداد يقينًا بأن للكلمة مكانًا في حياتي الجديدة.
- حدثينا عن أعمالك المنشورة حتى الآن.
صدر لي عن دار المعارف: شيوخ ومريدون، دهب عم خضر، بردية المهاجر، حقول الهمهمة، ومؤخرًا صدرت روايتي بنات سخمت عن دار "أكتب".
- وما الذي يحدد اختياراتك لموضوعات الروايات؟
أكتب ما يميل إليه قلبي. أميل إلى الأدب الصوفي، وقد ظهر ذلك في شيوخ ومريدون ودهب عم خضر. كما أعشق الفلسفة، وهو ما انعكس في حقول الهمهمة. أما التاريخ المصري القديم، فهو ولعي الأكبر، وقد تجلى بوضوح في بردية المهاجر وبنات سخمت.
- كيف ترين النشر الورقي اليوم؟
الكتاب الورقي له سحره الخاص، من ملمس الورق إلى شكل الغلاف، كلها تفاصيل تصنع متعة فريدة للقراء. لكن في ظل الارتفاع المستمر في أسعار الكتب، قد نجد أنفسنا مضطرين للجوء إلى النشر الإلكتروني شئنا أم أبينا.
- هل تكتبين للتعبير عن الذات أم لتقديم رسالة؟
كلاهما. أؤمن أن للكاتب رسالة، فالكلمة مسؤولية. كل جملة تحمل طاقة قادرة على التأثير في القارئ، وقد تغير شيئًا ما في روحه أو نظرته.
- ما الذي تحضرينه حاليًا؟
ما زلت في طور البحث عن فكرة جديدة، لم أتناولها من قبل. لا أحب تكرار نفسي، وأسعى دائمًا إلى تقديم عمل مختلف في كل مرة.
- كيف تتعاملين مع النقد؟
أرحب بالنقد بصدر رحب، فهو ضروري لأي تطور. لا أحد يُولد كاملًا، والنقد الموضوعي مرآة نرى بها مواطن القوة والضعف.
- هل مررتِ بلحظات فشل؟ وكيف حولتها لنجاح؟
كثيرة هي لحظات الفشل، لكنها كانت دومًا تمهيدًا لنجاحات أكبر. أتذكر أنني رسبت عدة مرات في امتحان البورد الأميركي للجودة، وبعد نجاحي مُنعت من العمل بتلك الشهادة. شعرت بإحباط شديد، لكنني وجدت فرصة أخرى في مكان مختلف، وحققت نجاحًا كبيرًا، ثم تركت كل ذلك وبدأت مرحلة جديدة تمامًا: الكتابة. الفشل بداية، فقط إن امتلكنا الصبر.
- هل تمثل الكتابة علاجًا نفسيًا للكاتب؟
بلا شك. الكاتب يبوح من خلال شخصياته بما لا يستطيع قوله علنًا. كثير من الكتّاب كتبوا ليعبروا عمّا يؤلمهم أو يؤرقهم في صمت.
- ما تفسيرك لهيمنة أدب الرعب والفانتازيا واختفاء الأدب الرومانسي؟
أشعر بالدهشة من هذا الكم الهائل من روايات الرعب المنتشرة مؤخرًا. لا أملك تفسيرًا دقيقًا، لكني أرى أن هذا الأمر يستحق الدراسة. أما الرومانسية، فأنا متفائلة بعودتها، ربما في ثوب مختلف، لكنها ستعود حتمًا لتوازن المشهد.
- هل تجدين وقتًا لهوايات أخرى وسط مشاغلك؟
بالطبع. أحب حضور الندوات وأحرص على أخذ دورات في مجالات متنوعة، فالحياة واسعة، والمعرفة لا حدود لها.
- وأخيرًا.. كيف تقيمين هذا الحوار؟
حوار جميل وراقٍ. سعدت جدًا بلقائك أستاذة ياسمين، وأشكرك على هذه الاستضافة الدافئة.