«ترامب» يُشعل مذبحة الإعلام في الشرق الأوسط.. إغلاق قناتي «الحرة» و«صوت أمريكا» في قرار صادم

Mar 17, 2025 - 15:08
«ترامب» يُشعل مذبحة الإعلام في الشرق الأوسط.. إغلاق قناتي «الحرة» و«صوت أمريكا» في قرار صادم

تقرير: مصطفى صلاح 

في خطوة مفاجئة، أشعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عاصفة في الأوساط الإعلامية الدولية بعد قراره بإنهاء عمل عدد من المؤسسات الإعلامية الأمريكية الناطقة بالعربية، على رأسها قناة «الحرة»، التي تبث منذ عام 2004. القرار جاء ضمن خطة أوسع تهدف إلى تقليص حجم وسائل الإعلام الفيدرالية الممولة من الحكومة الأمريكية، وهو ما اعتبره محللون سياسيون «ضربة قاسية للإعلام الموجه في الشرق الأوسط».

«ترامب يُطيح بالحرة وصوت أمريكا»

بموجب أوامر تنفيذية وقّعها ترامب، أُغلقت قناة «الحرة» في العراق، إلى جانب مؤسسات إعلامية كبرى مثل «إذاعة صوت أمريكا VOA»، «راديو أوروبا الحرة»، «راديو ليبرتي»، «راديو آسيا الحرة»، ومكتب البث الكوبي المسؤول عن إذاعة وتلفزيون «مارتي». هذا القرار جاء وسط تخفيض حاد في ميزانية هذه الوسائل الإعلامية، مما أدى إلى تسريح آلاف الصحفيين والمنتجين، وإلغاء عشرات البرامج التي كانت تُبث لملايين المتابعين حول العالم.

وفي تصريح صادم، أعلن مايكل أبراموفيتز، مدير «صوت أمريكا»، أن المؤسسة باتت مشلولة بالكامل بعد إيقاف عمل 1300 موظف. وقال عبر حسابه على «لينكد إن»: «لأول مرة منذ 83 عامًا، يُسكت صوت أمريكا.. لقد كان دورنا هو النضال من أجل الحرية والديمقراطية، لكن الآن أصبحنا خارج الخدمة».

«لماذا قرر ترامب تصفية الإعلام الممول حكوميًا؟»

قرار ترامب جاء ضمن حملة أوسع لإعادة هيكلة الميزانية الفيدرالية وتقليص النفقات الحكومية، حيث يرى أن تمويل الإعلام الدولي بات «عبئًا على دافعي الضرائب». الملياردير الأمريكي إيلون ماسك كان من بين المؤيدين لهذا الاتجاه، إذ وصف العديد من المؤسسات الإعلامية بأنها «منصات دعاية موجهة» تُهدر أموال المواطنين الأمريكيين.

لكن وراء الكواليس، يبدو أن ترامب كان يسعى أيضًا إلى القضاء على الأصوات الإعلامية التي لا تتماشى مع سياساته، لا سيما أن وسائل الإعلام المستهدفة كانت تغطي الأحداث في الشرق الأوسط بزاوية تحليلية لا تعكس دائمًا الموقف الأمريكي الرسمي.

«إغلاق الحرة.. صدمة في الأوساط الإعلامية»

شبكة الشرق الأوسط للبث (MBN)، المسؤولة عن إدارة قناة «الحرة»، تعرضت لصدمة كبيرة بعد إعلان إلغاء اتفاقية تمويلها بشكل مفاجئ. وأكدت المستشارة الإعلامية لترامب كاري ليك أن «هذه القرارات جاءت ضمن خطة لضمان عدم استخدام أموال الحكومة الفيدرالية لتمويل دعاية إعلامية لا تحقق أولويات الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي».

لكن جيف جيفري جدمن، الرئيس التنفيذي لشبكة «MBN»، ردّ غاضبًا قائلاً: «إنهاء الاتفاقية كان قرارًا مربكًا وخاطئًا.. لن نتوقف عن الكفاح من أجل بقاء الشبكة، لأننا نؤمن بدورنا في تقديم المعلومات ودعم حرية التعبير».

وفي مواجهة هذه الأزمة، لجأت إدارة «الحرة» إلى خفض ميزانيتها بـ20 مليون دولار، وتسريح أكثر من 160 موظفًا، إضافة إلى إغلاق بعض مكاتبها وتقليص عمليات الإنتاج.

«مستشارة ترامب ترفض لقاء الصحفيين»

أزمة الإعلام لم تتوقف عند الإغلاق المفاجئ، بل امتدت إلى رفض كاري ليك لقاء أي من المسؤولين الإعلاميين المتضررين من قرارات ترامب. وقد حاول جيف جيفري جدمن مرارًا ترتيب اجتماع معها لمناقشة مستقبل القنوات الموجهة، لكنه قوبل بالتجاهل.

وصف العاملون في هذه القنوات قرار الإغلاق بأنه «خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تكميم الإعلام الدولي»، لا سيما أن ترامب كان دائم الانتقاد للصحافة، متهما إياها بـ«نشر أخبار زائفة» والعمل ضده خلال فترته الرئاسية.

«ماذا عن برامج الحرة وإبراهيم عيسى؟»

إغلاق «الحرة» أثار تساؤلات حول مصير البرامج المثيرة للجدل، مثل برنامج «مختلف عليه» الذي يقدمه الصحفي إبراهيم عيسى، وبرنامج إسلام بحيري، اللذين ركزا على إعادة قراءة التاريخ الإسلامي من منظور ناقد. كان لهذه البرامج تأثير واسع في المنطقة العربية، حيث كانت تثير الجدل بين مؤيدين يرونها «محاولة لتحديث الفكر الديني»، ومعارضين يعتبرونها «أجندة مشبوهة لطمس الهوية الإسلامية».

الآن، وبعد إغلاق القناة، من المرجح أن يختفي هذا النوع من البرامج، أو ينتقل إلى منصات إعلامية أخرى قد تكون خاصة أو تابعة لدول أخرى، ما يعكس تغييرات عميقة في المشهد الإعلامي العربي والدولي.

«ترامب يُسكت صوت أمريكا.. لكن ماذا بعد؟»

إغلاق المؤسسات الإعلامية الأمريكية الموجهة يفتح الباب أمام تساؤلات كبيرة:

هل يعني هذا أن الولايات المتحدة تتخلى عن دورها الإعلامي في الشرق الأوسط؟

هل ستملأ قنوات أخرى، مثل الإعلام الروسي أو الصيني، الفراغ الذي سيتركه غياب «الحرة» و«صوت أمريكا»؟

كيف ستتأثر الديمقراطية الأمريكية بهذا القرار، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجديدة؟

في النهاية، لا يبدو أن إسكات صوت الإعلام الموجه سيمنع تدفق الأخبار أو الحد من تأثير الإعلام، لكنه بالتأكيد سيعيد تشكيل الخريطة الإعلامية الدولية، وربما يخلق مساحات جديدة لوسائل إعلام منافسة. لكن السؤال الأهم الآن: هل ستكون هذه الخطوة بداية لإغلاق المزيد من المؤسسات الإعلامية في المستقبل؟