الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب: من الذى يريد إفساد صفقة غزة و اسرائيل؟
ما زال اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يلقي بظلاله على عناوين الصحف العالمية والعربية، حيث برزت التخوفات من تعطيل الصفقة قبل إتمام كافة مراحلها، والدعوة "للقتال" من أجل تأمين إطلاق سراح كل الرهائن ووقف الحرب، والتشكيك في نوايا كل من نتنياهو و ترامب من وراء هذا الاتفاق، واستشراف تأثير الحرب في غزة على مستقبل المنطقة ككل.
وقف إطلاق النار في غزة لن ينهي الصراع .
نبدأ عرض الصحف من صحيفة هآرتس، التي كتبت في افتتاحيتها مقالاً بعنوان: "على الإسرائيليين أن يقاتلوا من أجل إطلاق سراح كل رهينة وإنهاء نتنياهو للحرب".
تقول الصحيفة إن الإسرائيليين، وخاصة عائلات الرهائن، اعتادوا على "خيبات الأمل" حين يتعلق الأمر بإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة، وإنه ومنذ الصفقة الأولى في نوفمبر ، 2023، أصبح من الصعب "إحصاء عدد المرات التي ساد فيها شعور بأن صفقة أخرى أصبحت وشيكة، ليأتي أحد من إسرائيل أو حماس و يعطلّها".
لكن الصحيفة ترى أنه وبفضل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي استخدم "التهديدات وسلطته لتأمين إتمام الصفقة"، فإن "كل المؤشرات تشير إلى أنه وفي هذه المرة ستكون الصفقة مثمرة".
تضيف هآرتس ، أن الأمل معقود على فشل القوى التي تعمل لإفساد الصفقة، وهذا يعني في الجانب الإسرائيلي، أن يتغلب خوف نتنياهو من ترامب على تهديدات الوزيرين بن غفير و سموتريش المعارضين للصفقة، بحسب تعبير الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن سموتريش يحاول انتزاع التزام من نتنياهو بعدم تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة، وتشير كذلك إلى أن كلاً من بن غفير و سموتريش يعارضان الاتفاق لأن "إطالة أمد الحرب يخدم تطلعات مشروع الضم ومخططات احتلال غزة و استيطانها"، وبرأي الصحيفة، يجب في ظل ذلك أن يستمر "الكفاح ضد القوى التي تسعى لإبطال الاتفاق" حتى بعد البدء بتطبيقه.
وتقول هآرتس إن عائلات الرهائن غير المشمولين في المرحلة الأولى من الصفقة، يخشون من أن ينساق نتنياهو للضغوطات ويمنع تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة، و تقتبس في هذا السياق عن يهودا كوهين، والد أحد الرهائن قوله إن "هناك حاجة لإطلاق سراح من نستطيع إطلاق سراحهم، والتركيز في الوقت نفسه على الحرب ضد نتنياهو كي لا يجد طريقة لإفساد الصفقة".
و تختم الصحيفة بالقول إن هناك حاجة للقتال من أجل تطبيق الصفقة والحفاظ على النضال، حتى يتم إطلاق سراح آخر رهينة، وإنهاء الحرب
ننتقل إلى صحيفة الغارديان، حيث كتب سايمون تيسدال مقالاً بعنوان: "اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ملوث بترامب ونتنياهو و تجاهلهما للسلام"، عبر فيه عن مخاوفه من انهيار الاتفاق.
ويشبه الكاتب الاتفاق بطبقة من الجليد الرقيق التي تغطي المياه العميقة أسفلها، فهو اتفاق "هش إلى حد مخيف، وعرضة للتشقق تحت أقل ضغط. وقد تأخر موعده بشكل يائس و مميت" بحسب تعبير الكاتب.
يقول تيسدال إن الفلسطينيين في غزة وخارجها شعروا بالارتياح لإتمام الصفقة والحقيقة أن "القصف الإسرائيلي سيتوقف قريباً"، لكن احتفالاتهم بذلك كانت مخففة بسبب مخاوفهم من المستقبل، وشعورهم العميق بالحزن والغضب بسبب الواقع المروع والماضي القريب.
ويصف الكاتب هذا الواقع في قطاع غزة، فيقول إن معظم سكان غزة أصبحوا نازحين، ومعظم بيوتهم و أحيائهم صارت ركاماً، و سُحقت المستشفيات والنظام الصحي، وإن "فشل العالم في وقف ذبح الأبرياء لن ينسى ولن يغفر".
ويضيف الكاتب أن احتفالات عائلات الرهائن الإسرائيليين كانت كذلك صامتة، إذ "ليس من الواضح كم بقي من الرهائن على قيد الحياة، وكم عدد الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، على افتراض عدم حصول تعثر مفاجئ للاتفاق"، كما أن الحالة النفسية والبدنية للرهائن، و شهاداتهم بشأن معاملة آسريهم لهم، سيتم رصدها عن كثب، وقد يشعل ذلك غضب الجمهور الإسرائيلي ضد حماس، ويهدد الصفقة.
يقول الكاتب إن هناك خلافاً بشأن السبب في تأخر التوصل إلى الصفقة حتى الآن. إذ "يُتهم نتنياهو من قبل خصومه ومن قبل عائلات الرهائن، بعرقلة متابعة اتفاق وقف إطلاق النار المحدود الذي أنجز في نوفمبر 2023"، فيما يلقي آخرون باللوم على حماس في تأخير إتمام الصفقة، وعواقب ذلك المتمثلة في مقتل عدد من الرهائن.
ويشير إلى أن أطرافاً عديدة تطالب بنسب الفضل لها في إتمام الصفقة، وفي مقدمتهم دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتخب، فقد "وردت تقارير تفيد بأن مبعوثه، ستيف و يتكوف، مارس ضغوطاً شديدة على إسرائيل لتقديم تنازلات بشأن النقاط الرئيسية، مثل انسحاب القوات الإسرائيلية على طول الحدود بين غزة ومصر"، كما أن ترامب حذر حماس من أن "جحيما سيفتح" إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل توليه منصبه يوم الاثنين المقبل.
في المقابل، يرى بايدن أن الاتفاق كان تتويجاً لإرثه في البيت الأبيض "على الرغم من فشله الكارثي طويل الأمد في كبح جماح نتنياهو"، بحسب الكاتب.
لكن الكاتب يعبر عن استغرابه من موقف ترامب، فيصفه بـ "العدو اللدود لحقوق الفلسطينيين، الذي يجلس بشكل متعجرف في فلوريدا، ويصور نفسه كصانع السلام". وهو أمر من غير المرجح أن يستمر، بحسب تيسدال، الذي يرى أن نتنياهو الآن، وبعد "تنفيذه أوامر ترامب، فإنه و حلفاءه المتدينين المتطرفين يتوقعون دعم الولايات المتحدة في السيطرة المستقبلية على عمليات الضم في غزة والضفة الغربية. وقد يسعى نتنياهو أيضاً إلى الحصول على الدعم لمشروعه الثمين المتمثل في تدمير منشآت إيران النووية".
يختم الكاتب بالقول إن الاتفاق هو موضع ترحيب، لكن "من الصعب تخيل تحقيق سلام دائم في ظل وجود نتنياهو في السلطة"، وفي حال انتهت الحرب بشكل نهائي، "لا بد من إجراء انتخابات، والمحاسبة، داخل إسرائيل وفي المحاكم الدولية". وإن الأمر لن ينتهي أبداً بالنسبة لنتنياهو "حتى يقف في قفص الاتهام في لاهاي ويجيب على الأشياء الفظيعة التي ارتكبها".