الدكتور مجدي كامل الهواري يكتب : البكالوريا أم الثانوية العامة القديمة ؟ أي النظامين أنسب لطلاب مصر؟

في ظل تطور نظم التعليم عالمياً، يثار تساؤل مهم داخل المجتمع المصري حول مدى كفاءة النظام القديم للثانوية العامة مقارنة بنظام البكالوريا، الذي يطبق في عدد من الدول ويعتمد على تقييم شامل و متدرج.
فهل يناسب النظام القديم طبيعة الطالب المصري أكثر؟ أم أن البكالوريا تمثل مستقبل التعليم في مصر؟
نظام الثانوية العامة القديم كان يعتمد على عام دراسي واحد فقط، يقيم فيه الطالب بالكامل من خلال امتحانات نهاية العام. هذا النظام كان يتميز ببساطته و وضوحه، إذ أن الطالب يعلم ما هو مطلوب منه بدقة، ويستطيع التحصيل الجيد خلال عام واحد فقط.
كما كانت الامتحانات موحدة، مما يضمن نوعاً من العدالة في التقييم، لكن في المقابل، كان الضغط النفسي على الطلاب هائلا، وكانت فرص التعويض محدودة للغاية، حيث تحدد مصائرهم بناءً على نتيجة امتحانات أيام معدودة فقط. كما أن النظام كان يعتمد بشكل كبير على الحفظ، على حساب الفهم والتفكير.
أما نظام البكالوريا أو ما يشبهه من نظام التعليم المصري الجديد، فيعتمد على التقييم التراكمي والتعلم القائم على الفهم، مع إدخال التكنولوجيا كوسيلة تعليم وتقييم. هذا النظام يعطي الطالب أكثر من فرصة لتحسين مستواه، و يشجعه على التحليل والابتكار بدلاً من الحفظ.
كما أنه يقلل من التوتر الناتج عن امتحان واحد حاسم. ولكن التطبيق الفعلي للنظام الجديد في مصر لا يزال يواجه تحديات عديدة، منها ضعف البنية التحتية، وعدم تدريب بعض المعلمين بشكل كاف، إلى جانب قلق أولياء الأمور من غموض آليات التقييم.
عند المقارنة بين النظامين من حيث استفادة الطالب المصري، يمكن القول إن النظام الحديث هو الأفضل نظريا، لأنه يعد الطالب لعالم مليء بالتغيرات، ويمنحه مهارات التفكير والتكيف مع المستقبل. ولكن هذا لا يتحقق إلا إذا تم تنفيذ النظام الحديث بكفاءة، وبدعم حقيقي للمدارس والمعلمين والطلاب.
في النهاية، تطوير التعليم لا يتوقف عند تغيير المناهج أو شكل الامتحانات، بل يشمل تغييرا جذريا في طريقة التفكير والإعداد، حتى نضمن تعليما" يخدم الطالب فعلاً، لا مجرد شهادة. وبينما يسعى النظام المصري للتحول نحو نموذج أكثر تطوراً، تبقى القدرة على التنفيذ هي العامل الحاسم في نجاح هذا التحول .