لماذا لا تظهر الأعراض لدى بعض حاملي الطفرات الجينية؟ دراسة جديدة تقدم الإجابة

يناير 27, 2025 - 07:39
يناير 27, 2025 - 08:40
لماذا لا تظهر الأعراض لدى بعض حاملي الطفرات الجينية؟ دراسة جديدة تقدم الإجابة

كتبت: أمنية شكري

 

قلبت دراسة جديدة أجرتها جامعة كولومبيا مفاهيم علم الوراثة التقليدية رأسًا على عقب، وكشفت عن السبب وراء عدم ظهور الأعراض لدى بعض الأشخاص الذين يحملون طفرات جينية مَرَضية. الدراسة -التي نشرت في مجلة "نيتشر"- تقدم تفسيرًا لظاهرة طالما حيرت العلماء في مجال الطب.

الوراثة الجينية وأثرها على ظهور الأعراض

في جسم الإنسان، تحتوي كل خلية (باستثناء الحيوانات المنوية والبويضات) على نسختين من كل جين: واحدة من الأب وأخرى من الأم. كلا النسختين تعملان معًا في الخلية. ومع ذلك تشير الدراسة الجديدة إلى أنه في بعض الحالات قد تحدث انحرافات جينية تؤدي إلى تعطيل نسخة معينة من أحد الوالدين. وقد أظهرت الدراسة أن هذه الظاهرة تحدث بشكل أكبر في خلايا المناعة، حيث تتوقف نسخة من الجين عن العمل بشكل عشوائي.

دراسة جامعة كولومبيا تكشف عن النتائج الجديدة

قال رئيس الفريق البحثي، الأستاذ دوسان بوجونوفيتش -أستاذ علم المناعة للأطفال في كلية فاجيلوس للطب بجامعة كولومبيا-: "هذا يشير إلى أن مرونة الحمض النووي أكبر مما كنا نعتقد". وأضاف أن "في بعض خلايا جسمك، كل 20 جينًا يمكن أن تجد جينًا يشبه جينات 'الأم' أو العكس. والوضع قد يختلف في خلايا الدم البيضاء وخلايا الكلى، وقد يتغير بمرور الوقت".

تفسير الاختلاف في شدة الأعراض

واحدة من النتائج المهمة التي توصلت إليها الدراسة هي تفسير الاختلاف في شدة الأعراض بين الأفراد الذين يحملون نفس الطفرة الجينية. رغم أن العديد من الأمراض الوراثية تتبع وراثة جينية أحادية، إلا أن بعض الأشخاص قد لا يعانون من أعراض، في حين أن آخرين يظهر عليهم أعراض شديدة. وجد الباحثون أن حوالي 10% من حاملي الطفرات لا يصابون بالمرض، رغم أنهم يحملون الجين المَرَضي نفسه.

التحقيق في جينات أخطاء المناعة الخلقية

شملت دراسة فريق البحث العديد من الأسر التي يعاني أفرادها من أمراض وراثية متعلقة بالجهاز المناعي. وعند فحص الجينات في خلايا T للأفراد الأصحاء، اكتشفوا أن 4.30% من جينات الأخطاء المناعية و5.20% من جميع الجينات أظهرت تعبيرًا عشوائيًا أحادي الأليل، وهو ما يعني أن الجين المَرَضي يكون أكثر نشاطًا لدى المرضى، بينما يكون خاملاً في الأقارب الأصحاء.

آثار هذه الظاهرة على الأمراض الوراثية الأخرى

قال بوجونوفيتش: "نعتقد أن هذه الظاهرة قد تفسر التباين في شدة المرض الذي نراه في العديد من الأمراض الوراثية الأخرى، وقد يكون هذا مجرد غيض من فيض". وقد تلعب هذه الظاهرة دورًا في تفسير ظهور أمراض مثل الذئبة الحمراء، بالإضافة إلى تأثير العوامل البيئية على الأمراض الوراثية.

إعادة تعريف الفحوصات الجينية

أوصى الباحثون بتوسيع الإجراءات القياسية لتشخيص الأمراض الوراثية، بحيث تشمل فحص "النوع النسخي" للمريض، أي النشاط الجيني في الخلايا. وقال بوجونوفيتش: "هذا يغير نموذج الفحص من فحص الحمض النووي إلى فحص الحمض النووي الريبوزي (RNA)، مما يتيح لنا فهمًا أفضل لكيفية تأثير الجينات على مختلف أنواع الخلايا مع مرور الوقت".

الآفاق المستقبلية لعلاج الأمراض الوراثية

قال بوجونوفيتش إذا تمكن الباحثون من تحديد الآلية وراء تعطيل الجينات الانتقائي، قد يتمكنون من تطوير طرق جديدة لعلاج الأمراض الوراثية. وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية ما زالت بعيدة عن التطبيق السريري، إلا أن الباحثين متفائلون: "على الأقل في زراعة الخلايا في المختبر، يمكننا القيام بذلك".

الخلاصة: دراسة مبتكرة تفتح أبواب جديدة في فهم الأمراض الوراثية

توفر هذه الدراسة الجديدة نهجًا مبتكرًا لفهم كيفية تأثير الطفرات الجينية على ظهور الأعراض وشدة الأمراض الوراثية. النتائج تشير إلى أن فحص الحمض النووي الريبوزي قد يكون خطوة هامة في تحسين تشخيص وعلاج الأمراض الوراثية.