الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب : عندما استدعي وزير الإسكان سيد عبد العاطي.. وتعليق محمود عوض!!
ذات يوم من عام 1995، اتصل مدير مكتب وزير الإسكان - حينذاك - بالصحفي - ذائع الصيت وقتها - ورئيس قسم التحقيقات بصحيفة الوفد سيد عبد العاطي وقال له: "ياريت.. تعدى تشرب الشاي مع معالى الوزير"، وبعد إلحاح دام واستمر من عدة أطراف حزبية وصحفية ذهب عبد العاطي لمكتب الوزير.. وفى نهاية اللقاء الذى تخللته أحاديث سياسية وعامة جاء مدير مكتبه بخرائط لمدن (القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشروق والعبور) وقال له:
"اتفضل يا سيد بيه اختر قطعة الأرض التي تحب أن تسكن فيها"؟ (وسوف تدفع ثمنها بالطبع) رد:
" الحقيقة أنا لا أحب السكن في القصور والفيلات.. أنا ساكن في شقة حجرتين وصالة وسعيد بها" وحاول مدير مكتب الوزير - والوزير نفسه إقناعه - لكن سيد عبد العاطي وقتها رفض كل المحاولات...واحتسى الشاي والقهوة وعاد من حيث جاء.
هذا الحكاية كان قد حكاها لي سيد عبد العاطي وقمت بنقلها بدوري ذات يوم للأستاذ محمود عوض فابتسم وقال: "عظيم سيد ده والله
(قالها وهو يبتسم) ثم قال:
"والله.. لسة الصحافة بخير "!
وذات يوم ثانٍ قرأ الكاتب الصحفي الكبير نبيل عمر - أطال الله في عمره - حوارًا صحفيًا كنت قد أجريته على حلقتين في صحيفة الوفد - أيام ما كان فيه (وفد) وأيام ما كان فيه (صحافة)! - مع الشاعر الكبير - أطال الله في عمره - أحمد عبد المعطى حجازي - فجعل الحوار - أو طريقة كتابته التي رآها متميزة، ومختلفة، ومبهرة حسب قوله - يبحث عن اسم هذا الصحفي - وهو لا يعرفه بطبيعة الحال - ليتحدث إليه إعجابًا واستحسانًا وتشجيعًا وتدعيمًا. ولأن نبيل عمر لم يكن يعرفني اتصل بمدير تحرير بالصحفية ( احتفظ باسمه ) ليطلب منه رقم هاتفي فسأله:
"عايزه ليه.."! رد: "فرحان بيه يا أخي من جمال كتابته" رد مدير التحرير في ضجر:
" والله.. هتفضلوا تنفخوا فيه لحد ما ينفجر...عمومًا مش معايا رقمه"!
لم ييأس نبيل عمر - وهذا من جمال روحه - وبحث عن رقم سيد عبد العاطي وكان مديرًا للتحرير أيضًا - وأعاد عليه الكلام فما كان من سيد عبد العاطي إلا أن ترك مكتبه وخرج وفى يده سيجارته - كان شرهًا في تدخين السجائر - ولف ودار المبنى كله يبحث عنى حتى قالوا له:
(قاعد على القهوة برة في الشارع) فجاء بزميل من السعاة وقال له:" هاته فورًا"!
وعدت إليه مسرعًا فوجدته يقف والهاتف مازال في يده واتصل بالأستاذ نبيل عمر بفرحة كبيرة وهو يقول له: "خذ.. الفتى جه يا نبيل" ووقف بجواري سعيدًا ويمسك بذراعي وكأنى ابنه أو أخوه الصغير الذى نجح في الثانوية العامة (الثانوية - وليست البكالوريا) !
وعندما حكيت هذا الموقف أيضاً للأستاذ محمود عوض ابتسم مرة أخري وقال:
"وموقف نبيل عمر لا يفعله للأسف ناس كتير في المهنة هذه الأيام وكذلك موقف سيد عبد العاطي.. وهذا معناه أن الصحافة مازالت بخير".
...ويوم ثالث مع سيد عبد العاطي
...ويوم رابع مع سيد عبد العاطي
.....ويوم.....
.... ويوم....
......إن أيام سيد عبد العاطي في الصحافة المصرية شامخة، وأصيلة، وشريفة، وعظيمة، ورغم رحيله منذ سنتين - اليوم ذكرى رحيله - إلا أنها أيام - من فرط صدقه
ا وجمالها - لا تنتهى!