ابتكار طبي: تناول الدواء عن طريق الفم يقلل الالتهاب ويكافح السمنة

كتبت: أمنية شكري
في خطوة مبتكرة نحو معالجة التحدي الطويل الأمد في توصيل الأدوية إلى الجهاز الهضمي، نجح فريق من الباحثين في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا في تحويل بكتيريا الأمعاء إلى مصانع بروتينية صغيرة. هذه الكائنات الحية الدقيقة المعدلة وراثياً تقوم بإنتاج وإفراز البروتينات المستهدفة في الأمعاء السفلية، مما يتيح تأثيرًا علاجيًا مستدامًا ودقيقًا.
دور البكتيريا المعوية في توصيل الأدوية
مئات الأنواع المختلفة من الكائنات الدقيقة تعيش وتتكاثر في أمعائك. ومع التقدم العلمي، قد تلعب هذه الكائنات دورًا جديدًا في المستقبل: صيدلي داخلي دقيق.
أظهرت دراسة نُشرت في 18 فبراير في مجلة Nature Biotechnology كيف يمكن للبكتيريا المعوية أن تنتج وتفرز البروتينات عن طريق برمجة الأمعاء السفلية، متجاوزةً عقبة كبيرة في توصيل الأدوية إلى هذه المنطقة الحيوية من الجسم.
التحديات في توصيل الأدوية عن طريق الفم
تُعد طريقة تناول الأدوية عن طريق الفم الأكثر شيوعًا، ولكن المعدة تمثل حاجزًا طبيعيًا يقضي على معظم المواد قبل أن تتمكن من المرور إلى الأمعاء. بينما يكون هذا مفيدًا في مواجهة مسببات الأمراض الغذائية، إلا أن العلاجات المستهدفة للأمعاء غالبًا ما تفشل.
حل مبتكر: البكتيريا العاثية لعلاج الأمراض المزمنة
في محاولة لحل هذه المشكلة، قام فريق الباحثين بقيادة عالم الأحياء برايان هسو بتصميم فيروس عاثي للبكتيريا (فيروس يصيب البكتيريا) يمكنه إصابة الخلايا البكتيرية وإعادة برمجتها لإنتاج وإفراز دواء قائم على البروتين. وقد أظهرت الدراسة التي أُجريت بالتعاون مع عالم المناعة لي وو لي أن هذه التقنية يمكن استخدامها لعلاج الأمراض المزمنة بفعالية.
البكتيريا العاثية: الضيف الدائم في ميكروبيوم الأمعاء
العاثيات البكتيرية هي فيروسات تصيب البكتيريا بشكل طبيعي، وتمثل أحد أكثر الكائنات الدقيقة شيوعًا في الأمعاء. باستخدام هذه العاثيات، يمكن توفير بروتينات علاجية مستهدفة في الأمعاء السفلية بشكل مستمر.
ابتكار جديد في توصيل الأدوية: كيفية عمل البكتيريا العاثية
صمم طالب الدراسات العليا في مختبر هسو زكاري بيكر نوعًا خاصًا من البكتيريا العاثية التي يمكنها حقن مواد وراثية إضافية في الخلايا البكتيرية. من خلال هذه التعليمات، تحفز الخلايا على إنتاج بروتينات يمكن استخدامها لعلاج الأمراض في الأمعاء السفلية.
نتائج البحث: تقليل الالتهاب والسمنة في الفئران
تمكن الباحثون من تطبيق هذه العاثيات المعدلة وراثيًا لعلاج أعراض مرضية مختلفة في الفئران. وقد أسفر العلاج عن:
تقليل الالتهابات عن طريق إفراز بروتين يثبط الإنزيمات المرتبطة بأمراض الأمعاء الالتهابية.
تقليل السمنة عبر إفراز بروتين يساعد الفئران على الشعور بالشبع، مما يعد خطوة مهمة في مواجهة السمنة الناجمة عن النظام الغذائي الغربي.
التحديات المستقبلية في توصيل الأدوية
ورغم النجاح الكبير في توصيل البروتينات المستهدفة للأمعاء السفلية، لا يزال الباحثون يواجهون تحديات في تحسين امتصاص الدواء من الأمعاء إلى الدورة الدموية. "نحن مثل شركات التوصيل. نوصل الأشياء إلى الباب، لكننا بحاجة إلى إيجاد طريقة لدق رنين الجرس"، كما قال هسو.
الخطوات القادمة: الابتكار في مجال توصيل الأدوية
يواصل فريق هسو استكشاف الإمكانيات التجارية لهذه التقنية من خلال مشروع I-Corps التابع للمؤسسة الوطنية للعلوم ومنحة Fralin للابتكار.
الخاتمة
هذه التقنية الثورية قد تمهد الطريق لعلاجات جديدة وفعّالة ضد الأمراض المعوية والالتهابية، مما يعزز من آفاق العلاج المستقبلي ويساهم في تطوير أساليب جديدة لتوصيل الأدوية. يظل البحث جاريًا لتجاوز العقبات الحالية وتحقيق المزيد من الإنجازات في هذا المجال.