أزمة الثلاثين«: أنت لا تعاني من أزمة منتصف العمر، أنت فقط لا تحب ما أنت عليه»

أبريل 27, 2025 - 09:21
أزمة الثلاثين«: أنت لا تعاني من أزمة منتصف العمر، أنت فقط لا تحب ما أنت عليه»

كتبت: أمنية شكري

في كل يوم نفتح فيه أعيننا نشعر بنوع من القلق، نراقب الوقت ونركله، نسرع في الذهاب إلى العمل، نستعجل الزواج والإنجاب، نسرع في إرسال أولادنا إلى المدرسة، نستعجل أن نعيش حياة أكثر إثارة ممن حولنا، نستعجل تحقيق أهدافنا في وقت مبكر... في الحقيقة نحن جميعًا في عجلة من أمرنا، نخشى أن الوقت لن ينتظرنا، ونخشى أن نتخذ القرار الخاطئ ونظل في حالة ذهنية متوسطة عندما نصل إلى منتصف العمر وما بعد ذلك من حياتنا.

الثلاثين مرحلة عمرية مليئة بالقلق

خلال الفترة من العشرينات إلى الثلاثينات، ومع بداية دخولنا سوق العمل، نشعر بارتباط قوي بكلمات مثل: "البقاء"، "الأحلام"، "السفر للخارج"، "البحث عن الذات"، وغيرها. وفي عامنا التاسع والعشرين، يصبح القلق أكثر وضوحًا، فنشعر فجأة أننا لم نحقق أي إنجاز. ونسمع تلك الأسئلة باستمرار: "هل اكتسبت وزنًا؟"، "هل لديك شريك حياة؟"، "متى ستتزوج؟"، "هل تفكر في الإنجاب؟"، "هل ارتقيت إلى منصب إداري؟"، "هل أدخرت مبلغًا كبيرًا من المال؟"، "هل تملك منزلًا؟"، فلا يتطلب الأمر أكثر من بضعة أسئلة حتى تنفد شموع أمنيات عيد ميلادك.

عندما نتحدث عن هذا النوع من الخوف، يبدو وكأننا نتحدث عن القشة التي قصمت ظهر البعير.

من أين يأتي قلق "أزمة الثلاثين"؟

يجذب التطور الاقتصادي السريع في العديد من البلدان المواهب من جميع أنحاء العالم، خاصة في مجالات مثل: الرقائق الإلكترونية والذكاء الاصطناعي وتطوير الدوائر المالية. في الوقت نفسه، ازدادت أيضًا حركة التنقل والمنافسة، وأصبحت الشركات تولي أهمية كبيرة للمتقدمين من أصحاب الشهادات العليا، والذين يتمتعون بسن صغير.

وفيما يتعلق بعتبة اختيار الموظفين، لا تقتصر القوانين غير الرسمية على عدم تجاوز العمر الـ35 عامًا فقط، بل إن المتقدمين للعمل الذين يتجاوزون الـ30 عامًا قد يواجهون "تمييزًا عمريًا". على سبيل المثال، قد يُسألون بشكل غير مباشر إذا كانوا متزوجين، أو كم عمر أطفالهم، لأن الشركات قد تحتاج إلى موظفين قادرين على العمل لساعات طويلة يوميًا وتلبية متطلبات المشاريع، بينما قد يكون من الصعب على الموظفين المتزوجين أو الأكبر سنًا القيام بذلك. وبالتالي، يحتاج أصحاب العمل إلى موظفين أكثر مرونة، مما أدى إلى قرار العديد من جيل الألفية بعدم الزواج أو الإنجاب أو شراء منزل.

تعريف النجاح متأثر بشكل كبير بالبيئة الاجتماعية

خلال السنوات الماضية، لاحظنا في سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا ظاهرة مثيرة للاهتمام. حيث إن الشباب من الصين وسنغافورة وتايوان يميلون إلى القلق بشأن أعمارهم أكثر، ربما لأنهم قليلون في العدد، والأطفال لديهم قيمة أكبر بالنسبة لهم. وتحت ظل تأثير والديهم، يبدأون في التخطيط للمستقبل مبكرًا، ويلتزمون بوظائف متخصصة مثل العمل في الهندسة أو البنوك أو الطب. كما يهتمون بشكل كبير بالمستوى التعليمي، الألقاب، والرواتب، ولكن في الوقت نفسه، لديهم معدلات زواج وإنجاب أقل.

أما في ماليزيا وإندونيسيا، فالشباب الصينيون يميلون إلى أن يكون لديهم أفكار جريئة، ويتصرفون فورًا عندما تكون لديهم فكرة. فهم يتزوجون وينجبون أطفالًا، والبعض منهم قد يكون لديه وظيفة رسمية ولكنه في الوقت نفسه يدير نشاطًا تجاريًا صغيرًا في المنزل أو يعمل في مجال الأعمال الحرة. لذلك بالنسبة لهم، ليست هذه الأنشطة "أعمالًا جانبية" كما هو الحال في أماكن أخرى، بل هي ببساطة نمط حياة مألوف. لذلك أصبح من غير المستغرب رؤية الشباب أو البالغين الذين يمتهنون عدة وظائف في آن واحد مثل العمل في مجال مبيعات الأدوية، أو إدارة الأعمال الصغيرة، أو حتى كونهم مدونين.

إن تجربة التحدث مع هؤلاء الشباب هي أنه بغض النظر عن مقدار المال الذي يتقاضونه، إذا كانوا يقومون بعمل يهتمون به ولديهم إحساس بالرسالة، فلن يكونوا قادرين على الحفاظ عليه لفترة أطول من الوقت فحسب، بل سيكونون أكثر ثقة في القيام به. على العكس من ذلك، إذا كانوا في "مهنة ناجحة" يعتقد والداهم أنهم مضطرون للقيام بها، أو إذا كانوا مجبرين بسبب القيم الاجتماعية على تولي الوظيفة، فإن أسعد لحظاتهم غالبًا ما تكون عندما يتسلمون رواتبهم، أما إذا كانوا يعيشون في منطقة ذات أسعار مرتفعة ومستويات معيشية عالية، فسيكون تخيلهم للنجاح محدودًا.

أنت لا تعاني من أزمة منتصف العمر، أنت فقط لا تحب ما أنت عليه!

في مواجهة عالم سريع التغيّر، تجربتي هي أنه كلما بدأت العمل مبكرًا، كان ذلك أفضل. وهذا لا يعني أن تعمل من أجل كسب المال، بل في العالم الحقيقي، يمكنك أن تتعلم وتنمو من خلال التغييرات الوظيفية المختلفة، وستعرف أكثر عن نوع الحياة التي تريدها، وستكون أكثر وعيًا بمحاولة العمل الجاد في هذا الاتجاه، وستحاول قدر المستطاع أن تراكم خبراتك في هذا المجال.

بهذه الطريقة، عندما تبلغ الثلاثين من العمر، ستكون لديك فرص أكثر للعمل لصالحك، وستعرف مكانك في الحياة: ما رسالتك؟ وما نقاط قوتك؟ وعندما ترغب في بدء مشروعك الشخصي، أو التوقف مؤقتًا للدراسة أو السفر، فلا يزال لديك مبلغ من رأس المال المتراكم، حتى لو لم يكن مبلغًا كبيرًا، فيمكنك إعالة نفسك.

بالحديث عن قلق إنجازات الثلاثين، أود أن أشارككم اقتباسًا من فيلم "Ace of Heaven": إذا كان شخص ما يريد أن يصبح أكثر صبرًا، هل تعتقد أن الله سيمنحه الصبر مباشرة، أم سيمنحه فرصة لتطوير هذا الصبر؟ وإذا كان شخص ما يريد أن يكون أكثر شجاعة، هل سيعطيه الله الشجاعة مباشرة أم سيمنحه الفرصة لتطويرها؟ وإذا كنت ترغب في أن تكون مستقلاً ماليًا في سن الثلاثين، هل تعتقد أن الله سيعطيك الكثير من المال مباشرة أم سيمنحك الفرصة لتعلم كيفية إدارة أموالك وكسبها؟

في كل مرحلة من مراحل الحياة، يمكننا أن نتعرف أكثر على أنفسنا: من نحن؟ من أين جئنا؟ إلى أين نذهب؟ قد تختلف إجاباتك عن إجابتي. وإذا كنت في مرحلة الثلاثين من العمر وتشعر بالحيرة، فربما يكون من الأفضل أن تأخذ وقتًا للتوقف وتفحص حالتك الحالية، فلتبحث عن المسافة بينك وبين الشخص الذي تريد أن تصبح عليه، وامنح نفسك الفرصة لتحقيق الحياة التي تطمح إليها!