مصطفى صلاح يكتب: «وحشتنا يا صديقي»

Feb 25, 2025 - 13:33
Feb 25, 2025 - 13:37
مصطفى صلاح يكتب: «وحشتنا يا صديقي»

مرت الأيام، وسافر الزمن، لكن في قلبنا لا يزال مكانك، يا «درش»، كما لو أنك معنا اليوم. اسمك يظل راسخًا في الذاكرة، ونحن نبحث عنك في كل عمل فني تركته وراءك. فارقتنا جسدًا، لكن روحك بقيت حاضرة في كل زاوية من حياتنا، وفي كل ذكرى من أعمالك التي لا تُنسى.

منذ اللحظة الأولى التي ظهرت فيها على شاشات التلفزيون، كانت بداية رحلة فنية فريدة امتزجت فيها الموهبة الفائقة بالأداء المتقن. لم تكن مجرد فنان، بل كنت صديقًا للجمهور، صوتًا يلامس أرواحنا ويعبر عنا، ويلامس قلوبنا بحروفه ونغمة صوته التي تميزت بالصدق والحساسية. كنت تُجسد لنا الشخصيات بتفاصيلها الدقيقة، تعيش بداخلها وتلهمنا في كل لحظة. كانت أعمالك تضعنا أمام مرآة الحياة، نرى فيها أنفسنا وأحلامنا وأوجاعنا.

كل مشهد شاركت فيه كان يحمل حكاية، وكل كلمة نطقتها كانت مرآة لمشاعر دفينة، تتنقل بين الدراما والكوميديا، ولكن دائمًا، كانت تلمس قلب المشاهد. وعلى الرغم من تنوع أدوارك، فإنك لم تفقد أبدًا جوهر شخصيتك الفنية التي تميزت بالصدق والواقعية.

لقد كان صديقي الفنان الراحل مصطفى فهمي فنانًا حقيقيًا، لم يستسلم للابتذال، بل كان يعمل على رفع مستوى الفن العربي، يجسد كل شخصية باحترافية لا مثيل لها، وكان في كل عمل يقدمه يُظهِر جانبًا جديدًا من قدراته الفنية التي تُدهش كل من يشاهدها. كنت نجمًا متعدد الأبعاد، تجمع بين اللمسات الإنسانية والإبداع الفني، وكأنك تتحدث عن أفكارنا دون أن نحتاج إلى الكلام.

 لم يكن مصطفى فهمي محصورًا في نوع واحد من الأدوار، بل كان يعبر عن شخصيات متنوعة وعميقة، لدرجة أنك كنت تشعر أن كل شخصية يقدمها كانت جزءًا من شخصيته الحقيقية. كانت مرونة أدائك الفنية هي سر تألقك، فقد استطعت أن تلامس وتيرة الدراما بنفس الإتقان، وأن تكون مرآة لكل الحالات الإنسانية التي عايشتها الشخصيات في أعمالك.

قد نكون افتقدناك، يا صديقي، بعد أن رحلت عن عالمنا، لكنك تركت لنا إرثًا فنيًا عظيمًا، تركت أعمالًا حية تروي قصصًا للأجيال القادمة. فكل كلمة نطقتها، وكل حركة قمت بها، كانت بمثابة درس في الإبداع والتفاني. وأنت، رغم مرور الأيام على غيابك، لا زالت أعمالك تعيش فينا، نراها ونشعر بها كما لو أنك معنا في كل لحظة.

رحيلك كان خسارة لنا جميعًا، ولكن على الرغم من ذلك، نحن نعلم أنه لا يمكن للفن أن يموت، خاصة إذا كان من صنع فنان عظيم مثلك. وأنت، يا مصطفى، لم تُغادر، بل تركت لنا دروسًا عظيمة في حب الحياة، في الوفاء للفن، وفي احترام الجمهور. نحن لا ننسى اسمك أبدًا، ولا ننسى اللحظات التي قضيناها في متابعة أعمالك التي تعبر عن إنسانيتنا.

وحشتنا يا صديقي، وكأنك تركت فراغًا في عالمنا لا يمكن ملؤه. لكن، في النهاية، تبقى ذكراك، وتظل أعمالك حيّة في قلوبنا، وتظل أنت في ذاكرتنا، دائمًا وأبدًا، في كل مشهد، في كل كلمة، في كل لحظة.. ألف رحمة ونور عليك يا صديقي.