في حضرة «كوكب الشرق».. الثقافة تجمع مصر وفرنسا من قلب متحف أم كلثوم

كتب: مصطفى صلاح
في مشهد ثقافي يحمل دلالات عميقة على التواصل الحضاري بين ضفتي المتوسط، استقبل الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، نظيرته الفرنسية السيدة رشيدة داتي، والوفد المرافق لها، في زيارة خاصة إلى متحف أم كلثوم بقصر المانسترلي بجزيرة منيل الروضة، ضمن فعاليات الزيارة الرسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر.
تفقد الوزيران المتحف الذي يحتضن مقتنيات نادرة لكوكب الشرق أم كلثوم، من أوسمة ونياشين وصور فوتوغرافية، تجسّد ما كانت تمثله سيدة الغناء العربي من قيمة فنية وروحية، ترسخت في وجدان الشعوب العربية والعالمية على السواء.
وفي هذه الأجواء المشحونة بالرمزية والتاريخ، أكد وزير الثقافة المصري أن هذه الزيارة تمثل فرصة حقيقية لتأكيد متانة وعمق العلاقات المصرية الفرنسية، وتعكس حرص الجانبين على ترسيخ التعاون الثقافي بوصفه أحد أعمدة التقارب الإنساني. وأشار إلى أن إعلان عام 2019 عامًا للثقافة المصرية الفرنسية كان تجسيدًا لهذه العلاقة الوطيدة، حيث شهد تنظيم عدد كبير من الفعاليات الفنية والفكرية التي عمّقت جسور التبادل الثقافي والمعرفي.
كما شدد على رمزية متحف أم كلثوم كمَعْلم ثقافي وروحي، ليس فقط لكونه يؤرخ لسيرة إحدى أعظم الفنانات في التاريخ العربي، بل أيضًا لكونه شاهدًا على غنى الهوية المصرية وتنوعها. وأوضح أن اختيار قصر المانسترلي، المطلّ على نيل القاهرة، ليحتضن هذا المتحف، يُعد تعبيرًا عن إصرار الدولة على حماية تراثها وتحويله إلى منارات ثقافية مفتوحة للعالم.
من جهتها، عبّرت وزيرة الثقافة الفرنسية عن سعادتها الكبيرة بزيارة المتحف، معتبرة أنه يُجسد مدى اعتزاز المصريين بتاريخهم الثقافي، وقدرتهم على تخليد رموزهم الفنية والروحية. وأشادت بالسيرة الاستثنائية لأم كلثوم، التي وصفتها بأنها أيقونة عالمية تمثل بُعدًا مشتركًا في الذاكرة الثقافية بين الشرق والغرب.
الزيارة لم تكن استكشافية فقط، بل أفسحت المجال لجلسة مباحثات تناولت سبل تعزيز التعاون الثقافي المشترك، حيث طرحت الوزيرة الفرنسية مقترحًا بأن تحل فرنسا ضيف شرف في إحدى دورات معرض القاهرة الدولي للكتاب، إلى جانب مناقشة مجالات متعددة للتعاون مثل النشر، والترجمة، وترميم الوثائق، ورقمنة المخطوطات، فضلاً عن إعداد ملفات مشتركة لصون التراث غير المادي في منطقة الشرق الأوسط، وتبادل العروض الفنية والموسيقية، والتعاون السينمائي.
شارك في الزيارة عدد من الشخصيات الفرنسية الرفيعة، من بينهم مستشارو الوزيرة ومديرو مؤسسات ثقافية كبرى مثل المكتبة الوطنية والمعهد الوطني للتراث، إلى جانب مسؤولي المعهد الفرنسي في باريس. كما حضر من الجانب المصري عدد من القيادات الثقافية البارزة، تأكيدًا على الطابع الرسمي والرمزي للزيارة.
هكذا، ومن قلب القاهرة التاريخية، وعلى أنغام "أمل حياتي" و"إنت عمري"، تجددت روح الشراكة الثقافية بين مصر وفرنسا، لتُكتب صفحة جديدة في دفتر العلاقات التي لطالما جمعت بين حضارتين صنعتا الكثير من ملامح الإنسانية والفكر والفن.