د.حازم الشاذلي يكتب: المصريون والدواء

مما لا شك فيه أننا فى مصر نواجه أزمة فى الدواءوالأزمة لها شقين الأول مرتبط عموماً بالأزمة الاقتصادية والاستيراد والدولار وخلافه أما الشق الثانى فيرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلوك المصريين مرضاهم وأطبائهم وصيادلتهم تجاه الدواء.
لا يوجد ربما دولة فى العالم تستطيع فيها أن تحصل على دوائك ديليقرى بالتليفون بلا ظابط أو رابط وكأك تطلب كيلو كباب!
لو زرت أى مريض مصرى فى منزله إلا ما رحم ربى ستجد بجوار الكومودينو كيس كبير فيه كم هائل من الأدوية معظمها منتهى الصلاحية فالمريض المصرى مولع بإقتناء الأدوية ويجد لذة كبيرة إذا حصل من تامينه الصحى على أكبر عدد من الأدوية حتى إذا لم يكن يحتاجها ومعيار نجاح أى طبيب وشعبيته فى القطاع الحكومى لدى مرضاه هو مقدار ما يكتبه لمريضه من أدوية ومدى استجابته لإلحاح المرضى وعلى سبيل المثال لا الحصر عبارة طيب إدينى مضاد حيوى أو طب ادينى أى حاجة مقوية إذا وجد الطبيب أنه لا يحتاج إلى أى دواء
لا نبريء إذن بعض الأطباء من مسئولية أزمة الدواء ٠
كلية الصيدلة من أصعب الكليات فى مصر والعالم ويحتاج الالتحاق بها إلى مجموع كبير وأنا شخصياً أرى أنها أصعب من كلية الطب فى عدة أوجه الصيدلى إذن يتمتع بمعدل عالى من الذكاء والمفروض أن ينعكس هذا على أسلوبه فى التصرف تجاه الوصفة الطبية والمريض أولاً بالنصح والارشاد لطريقة الاستعمال وطرق الترشيد والبدائل المتاحة إذا نقص دواء ما وهذا ما لا نجده فى مستشفياتنا الحكومية حيث يستسهل بعض الصيادلة ويصرفون الدواء بلا إرشاد أو توصية ويعطون بدائل للأدوية غير ذات جدوى وربما ضارة أحيانا.
والحل هنا إذن أن تتم كتابة الادوية بإسمها العلمى وليس التجارى وقد حاولت الدولة فى ذلك قدر استطاعتها ولكن المحاولات لم تستمر.
وقد استطاعت الدولة أن تجدول وتحظر بعد الادوية التى من الممكن أن يستعملها المدمنون فلماذا لا تحكم الدولة قبضتها على صرف الأدوية عموماً ؟
هذا عن القطاع الحكومى أما بالنسبة للصيدليات الخاصة فحدث ولا حرج فللأسف الشديد يقوم بصرف الدواء أحيانا فى هذه الصيدليات شخص هو مجرد بائع وليس صيدلانياً وربما أيضا لا يحمل أى مؤهل دراسي ويقوم أحيانا بإعطاء الحقن وقياس الضغط مع العبارة التقليدية اشرب كركديه ساقع !
بل إنى رأيت بعينى رأسى صيدلى يقوم بتخييط الجروح ونشخيص الأمراض بكل أريحية !
وبما أن المسألة الربحية تتحكم فى كثير من الأحيان لذا نجد بعض الصيادلة يقترحون على المريض دواءاً معيناً وبالتبعية يكون الأعلى سعراً ٠
ثم تاتى الكارثة الكبرى وسائل التواصل الاجتماعى والتسويق عبر النت لأدوية أو قل منتجات غير مصرح بها كما حدث مؤخراً من توقيف طبيب يروج لأدوية مشبوهة٠
أما عن الثقافة الكونية ثقافة اسال مجرب ولا تسال طبيب فهى الأكثر انتشاراً فى مصر صاحبى فى القهوة وصف لى دوا ممتاز أو درويش من الدراويش يشفى كل العلل بحبة البركة أو معتوه يصف للمرضى شرب ثمانية لترات من الماء يوميا !
يا وزارة الصحة ويا إعلامنا المرئى والمسموع والمقروء حان وقت ثورة كبرى لتصحيح المفاهيم قبل فوات الأوان بالنسبة للشق الثانى من الأزمة أما الشق الأول فله متخصصوه٠٠٠ ولك الله يامصر ٠