«إفطار رمضان».. بهجة تجمعنا أم فوضى تهدد التجربة؟

بقلم : الأستاذة الدكتورة جيهان رجب
أستاذ إدارة الأعمال بجامعة عين شمس
إفطار المطرية كان نموذجا رائعا للتنظيم والتكاتف، لكن للأسف، شهدت بعض موائد الإفطار الجماعي في أماكن أخرى مشكلات أثرت على التجربة. من المهم أن نأخذ هذا كإنذار مبكر، ونعمل على تحسين التنظيم والتخطيط لتجنب أي أزمات مستقبلية. رمضان شهر الخير والتعاون، ونجاح مثل هذه المبادرات يعتمد على حسن الإدارة والاستعداد المسبق حتى نجعل الإفطار الجماعي تجربة أجمل وأكثر أمانا للجميع، إقامة إفطار جماعي ضخم مثل إفطار المطرية يواجه تحديات عديدة تتطلب تخطيطا جيدا لتجنب المشكلات وضمان استمرارية الحدث بنجاح ، من التحديات التنظيمية، إدارة الأعداد الكبيرة، مع تزايد عدد المشاركين، يصبح من الصعب تنظيم الجلوس، توزيع الطعام، وتنسيق الحركة داخل المكان،ضمان توفر الطعام للجميع، التأكد من أن الطعام كاف للجميع دون إسراف أو عجز يتطلب تخطيطا دقيقا وإدارة جيدة للموارد،
النظافة وإدارة المخلفات ، بوجود آلاف الأشخاص، يصبح التخلص من النفايات وتنظيف المكان تحديا كبيرا يحتاج إلى خطة واضحة ، التنسيق مع الجهات المعنية، يتطلب تنظيم الإفطار الحصول على تصاريح من الجهات الرسمية والتنسيق مع الأمن والإسعاف تحسبا لأي طوارئ ومن التحديات الأمنية والصحية،الحفاظ على الأمن ، مع توافد أعداد كبيرة، قد تحدث مشكلات مثل التدافع أو ضياع الأطفال، مما يستلزم وجود أفراد أمن ومتطوعين لتنظيم الحشود،السلامة الغذائية ، التأكد من إعداد الطعام بطريقة صحية ونقله وحفظه بطريقة سليمة لتجنب أي مشكلات صحية، التعامل مع الطوارئ الصحية، وجود عدد كبير من الصائمين يزيد من احتمالات تعرض بعضهم لحالات إغماء أو مشاكل صحية ، مما يستدعي توفير إسعافات أولية في المكان ، ومن التحديات المالية واللوجستية،توفير التمويل الكافي ، الإفطار يعتمد على التبرعات ، لذا قد يكون من الصعب تأمين الموارد المالية اللازمة سنويا،توزيع المهام بين المتطوعين، وجود عدد كبير من المتطوعين ضروري، لكن بدون تنظيم واضح قد تحدث فوضى في توزيع المسؤوليات.
ولاحتواء أى أزمات قد تحدث يجب الأخذ في الاعتبار مستقبلا ، تحسين التنظيم والإدارة باستخدام التكنولوجيا ، يمكن استخدام تطبيقات أو مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم المتطوعين وجمع التبرعات وتوزيع المهام ،تحديد أماكن مخصصة لكل فئة ، كتنظيم أماكن مخصصة للعائلات، لكبار السن، وللأفراد، مما يسهل إدارة الحشود ، جدولة الاستعدادات مسبقا، البدء بالتجهيز قبل فترة كافية وتحديد أدوار واضحة لكل متطوع، تعزيز الأمن والسلامة من خلال ، توفير نقاط طبية متنقلة ، لضمان سرعة الاستجابة للحالات الطارئة،التنسيق مع الشرطة والمتطوعين، لوضع خطة لتنظيم الدخول والخروج ومنع الازدحام، تحديد مسارات واضحة للحركة، خاصة عند توزيع الطعام، لتجنب التدافع والازدحام ، تحسين الاستدامة وتقليل الهدر
توزيع الطعام بشكل محسوب، بناء على إحصائيات دقيقة عن عدد الحضور المتوقع ، إعادة تدوير المخلفات ، تنظيم فرق لجمع وفرز النفايات، والتعاون مع جهات متخصصة في إعادة التدوير، تشجيع المشاركة المجتمعية ، من خلال إشراك المدارس والجامعات في تنظيم الفعالية وزيادة الوعي حول تقليل الهدر.
رغم التحديات، يمكن التغلب عليها من خلال التخطيط الجيد، التعاون المجتمعي، والاستفادة من التجارب السابقة لتحسين التنظيم كل عام،إذا تمت معالجة هذه التحديات بشكل منهجي، سيظل إفطار المطرية نموذجا ملهما للتكاتف الاجتماعي والروح الرمضانية الحقيقية.أما إذا حدثت حالات عنف أو شجار أثناء الإفطار الجماعي ، فمن المهم التعامل معها بحكمة وسرعة لتجنب تصاعد الموقف ، من خلال التهدئة السريعة للموقف، التدخل الهادئ، لا للصراخ أو استخدام العنف المضاد، بل التحدث بهدوء و التأكيد على أهمية ضبط النفس، إبعاد الأطراف المتشابكة، إذا كان هناك شجار، يجب محاولة فصل المتعاركين بلطف دون تصعيد، توجيه الأنظار بعيدا عن المشكلة، تحويل تركيز الحاضرين على الإفطار والجو العام لتخفيف التوتر ، توفير فرق تنظيم وأمن متطوعة ، تحديد متطوعين مسؤولين عن الأمن والتنظيم يكون دورهم التعامل مع أي مشكلة بهدوء، التعاون مع الشرطة أو الجهات المختصة إذا كانت هناك توقعات بحدوث أي مشاكل، استخدام أساليب التهدئة الاجتماعية ، إقناع الحاضرين بالتدخل كوسطاء ، دعوة أشخاص ذوي تأثير اجتماعي (مثل كبار السن أو الشخصيات المحترمة) لتهدئة الوضع، تحويل التركيز إلى القيم الرمضانية، التذكير بأن الإفطار الجماعي هو للتآخي والتواصل ، وليس للعنف أوالمشاحنات، الوقاية والتخطيط المسبق ، وضع قواعد واضحة قبل بدء الإفطار، مثل، الالتزام بالسلوك الحضاري، وجود مناطق مخصصة للعائلات والشباب لتجنب الاحتكاك.
تحديد آلية للتعامل مع أي خلاف دون اللجوء للعنف، تجهيز مخارج واضحة للحالات الطارئة، بحيث يمكن إخراج أي شخص يسبب المشاكل دون تأثير على الحدث.
ماذا لو تصاعدت المشكلة؟؟؟؟
الاتصال الفوري بالشرطة في حال تطور العنف إلى مستوى خطير،طلب دعم المنظمين والمتطوعين لاحتواء المشكلة ومنع انتشارها بين الحضور، إيقاف الحدث مؤقتا إن لزم الأمر لحين استعادة النظام.
إفطار رمضان يجب أن يكون مساحة للسلام والتواصل ، وأي مظاهر عنف تفسد الهدف الأساسي من هذا التجمع. بالتخطيط الجيد، والتنظيم المسؤول، يمكن تجنب هذه المواقف وجعل الإفطار تجربة إيجابية وآمنة للجميع.
في النهاية، نجاح أي إفطار جماعي لا يعتمد فقط على حسن النية، ولكن أيضا على حسن التنظيم. عشان نحافظ على التجربة الإيجابية ونتجنب أي مشاكل مستقبلية، لازم يكون فيه تدريب حقيقي للفرق المسؤولة عن التنظيم، بحيث يكون عندهم القدرة على إدارة الأعداد الكبيرة، حل الأزمات بهدوء، والتعامل مع أي مواقف غير متوقعة بحكمة. بالتخطيط والتدريب، هنقدر نخلي الإفطار الجماعي تجربة آمنة وممتعة للجميع، ونحافظ على روح رمضان الحقيقية.