الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب : أحمد بهاء الدين .. بعد النكسة .. ما القصة ؟

Nov 20, 2024 - 06:15
الكاتب الصحفي خيري حسن يكتب :  أحمد بهاء الدين .. بعد النكسة .. ما القصة ؟

بعد نكسة 67 قرر الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين - ومعه رجاء النقاش - رئيس تحرير مجلة الهلال إصدار عدد خاص من المجلة عن( نجيب محفوظ ) وكأنه أراد - أى بهاء الدين - ومعه رجاء النقاش - أن يستدعي (روح مصر) الأصيلة، العفيه، ليواجه بها( روح مصر) الحزينة، المهزومة فى شخص نجيب محفوظ الذى يحمل شخصه وأدبه ( روح مصر) وبالفعل حدث ذلك وخرج العدد فى شهر فبراير من عام 1970.

                       •••

 وعندما سُئل رجاء النقاش لماذا نجيب محفوظ الآن؟ رد :

" لأنه تمثال حى للكرامة..والضمير القومى..والكبرياء.. والتواضع"!                 

فى العدد ملف بعنوان (حديث الصور) تحت عنوان:

" الروح.. والصورة" 

وكتب التعليق تحت كل صورة نجيب محفوظ بنفسه.. ليكشف لنا - دون قصد عن جمال( روحه) التى هى من (روح) مصر.

                   •••               

من بين هذه الصور نجد صورة لنجيب محفوظ وهو شاب يرتدى (الطربوش) مع صديق له اسمه أحمد نويرة وعلق عليها نجيب محفوظ قائلاَ:

" كانت الطرابيش تعلو رءوسنا، بالأمر، أيام ثانوى، وكان عدم لبس الطربوش يعتبر " قلة قيمة"!

                       •••

وحاءت صورة له مع ثلاثة من الأصدقاء وهم يتنزهون فى حدائق القناطر الخيرية - شمال القاهرة - وعلق عليها قائلاَ:

" كانت القناطر هى متنزهنا ومرتعنا..وأين كان يمكن ( لملاليمنا ) - ينقسم الجنيه المصري إلى 100 قرش أو 1000 مليم - أن تسمح لنا بالذهاب لو لم تكن القناطر".

                     •••

وجاءت صورة له مع صديق يضحكان فى بهجة وعلق عليها قائلاَ:

"لا يهم الزمان ولا المكان ولا الرفيق

.. المهم.. هو أن تخرج الضحكة من قلب خلى، بلا هموم ولا افتعال"!

                     ••

وجاءت صورة له وهو يقف مع ثلاثة على شط البحر فى الإسكندرية وعلق عليها قائلاً:

" أنظر كيف ثنيت( المايوه).. كنت قد أجرته..( نجيب محفوظ يؤجر ( مايوه )..تخيل..؟! 

ولماذا ( ثنيت المايوه يا أستاذ) ؟ رد:" لأنه كان واسعا علىّ"!

                     •••

وجاءت صورة له مع ابنتيه حيث يجلس معهن فى نزهة فى حديقة الحيوان ( كما يبدو فى الصورة) وعلق عليها قائلاَ:

" ابنتاى صديقتاى، وأنا أحب أن اضحك مع أصدقائى ولا (اشخط) فيهم.. وكذلك بناتى.. وهما لا تترددان فى مصارحتى بآرائهما حتى فى شخصى، وأمهما تعتبر هذه الصراحة تدليلاَ يكاد يقف على حدود قلة التربية" 

                  •••

وجاءت صورة له فى الجامعة مع الزملاء علق عليها قائلاً: 

"أذكر منهم ( على أحمد وأديب مترى ورياض منقريوس) الذى كان يجيد ترتيل القرآن بصوت شجى رخيم وكان مغرماً بتقليد الشيخ على محمود"!

                    •••

وجاءت صورة له مع أصدقاء علق عليها قائلاً:

" يظهر فى الصورة معى( إبراهيم فهمى وأحمد نويرة - وكانا من أعز اصدقائي - وحسين المهيلمى وسعيد الألفى) أما أطول مَن فى الصورة فقد نسيته تماماَ.. لا أعرف من هو..لأن (البعد جفا) كما يقولون"

                      •••

أما الصورة الأخيرة فكانت فى صحيفة الأهرام عندما قرر هيكل فى ديسمبر 1962 الاحتفال بعيد ميلاده الخمسين وحضره أسرة تحرير الأهرام - بظهور خاص للسيدة أم كلثوم - يتقدمهم توفيق الحكيم ولويس عوض وبالطبع محمد حسنين هيكل... وهذه الصورة الوحيدة التى لم يعلق عليها لكن ربما ضحكته، الهادئة، الصافية، الصادقة... تكون قد قالت كل شىء.

                    •••

هذه الضحكة قالت - ومعها ضحكة توفيق الحكيم والست أم كلثوم -

" هذه هى روح مصر قبل 67 - وروح مصر بعد 67.

وهذه (روح) نجيب محفوظ الذى قال:

" البعد عن الأصدقاء.."جفا"!

 والذى كان لا( يشخط ) فى بناته!

والذى كان له صديق مسيحى يُحب سماع صوت الشيخ وهو يرتل القرآن فى محبة وبلا تعصب. 

 والذى كان ( يُأجر المايوه) لينزل به البحر..(يُؤجر المايوه - والتكرار مقصود ) لينزل به البحر فى المصيف!                

نعم.. كانت هذه روحه... لأنه - كما وصفه رجاء النقاش - "وكأنه تمثال حى للكرامة..والضمير ..والكبرياء.. والتواضع").. 

                    •••

لقد كتب نجيب محفوظ تعليقه على هذه الصور بعدما (علقها) على جدار الزمن.. وتركنا نختار... نختار الصورة التى نحب أن نكون عليها.

•• الصورة:

من حفل الأهرام سنة 1962 للاحتفال بعيد ميلاد نجيب محفوظ.

•• المصدر:

مجلة الهلال - عدد فبراير - 1970

( العدد استعارة من مكتبة الأستاذ الكبير شعبان يوسف الزاخرة والعامرة بكل ما هو جميل).