«الجسد والآلة والفراغ المسرحي».. القومي للمسرح يفتح نقاشات الوعي الجمالي في دورة استثنائية

يوليو 16, 2025 - 08:23
يوليو 16, 2025 - 08:42
«الجسد والآلة والفراغ المسرحي».. القومي للمسرح يفتح نقاشات الوعي الجمالي في دورة استثنائية

كتبت: نور التلباني 

في إطار المحور الفكري المصاحب لفعاليات الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري، وتحت شعار "تحولات الوعي الجمالي في المسرح المصري"، شهد المجلس الأعلى للثقافة جلستين نقاشيتين ضمن سلسلة الندوات الفكرية المصاحبة، بحضور نخبة من الفنانين والباحثين والمخرجين، لتناول التحولات المعاصرة في مفاهيم العرض المسرحي والفضاء والإدراك البصري.

 الجسد والآلة والصورة: عرض مسرحي في مواجهة المفاهيم الجامدة

ناقشت الجلسة الأولى "تحولات العرض المسرحي: الجسد – الآلة – الصورة"، وأدارها الكاتب الصحفي محمد عبد الرحمن، بمشاركة المخرجة كريمة منصور، والفنانة شيرين حجازي، والمخرجة نادين خالد.

أكدت كريمة منصور أن الرقص المسرحي الحديث يعاني من تخبط في الفهم والتلقي، موضحةً أن العرض فيه يعتمد على الجسد كعنصر أساسي وليس النص، ويتداخل مع المكان والحركة والصوت، ويستدعي تدريبًا مكثفًا وفهمًا مختلفًا عن المسرح التقليدي. ودعت إلى التفرقة بين مهام "مصمم الاستعراضات" و"مصمم الجيوجراف" باعتبارهما وظيفتين مستقلتين.

من جانبها، أوضحت شيرين حجازي أن العروض الجسدية تبدأ بفكرة، ثم تمر بمرحلة بحث وتكوين بصري وجسدي، مؤكدة أن تغيير الفضاء يؤثر على بناء العرض ويمنحه طابعًا متجددًا، واستشهدت بتجربتها في مشروع "عوالم خفية"، الذي استخدم الرقص الشرقي في أماكن مفتوحة.

أما المخرجة نادين خالد، فوصفت الجسد بأنه "خزان الذاكرة والتجربة"، مشيرة إلى أن الفن يساعد الإنسان على التصالح مع جسده، وأن المسرح الجسدي هو مساحة تعبير وتطهير نفسي وبصري في آنٍ واحد.

 الفضاء المسرحي وإنتاج المعنى: من "العلبة الإيطالية" إلى المساحات المفتوحة

في الجلسة الثانية، التي جاءت بعنوان "تحولات الفضاء المسرحي وأثره على إنتاج المعنى"، أدار النقاش الدكتور محمود فؤاد صدقي، بمشاركة الدكتور صبحي السيد، والمهندس عمرو عبد الله، والدكتور محمد سعد.

أكد صدقي أن تجاوز نموذج "العلبة الإيطالية" التقليدية يمثل انطلاقة نحو خلق فضاءات أكثر حرية وتفاعلية مع النص والجمهور، مما يفتح المجال لإبداع بصري جديد.

في السياق ذاته، تحدث الدكتور صبحي السيد عن تجربة قصور الثقافة في كسر الحيز التقليدي، بالانتقال إلى المسارح المكشوفة والمتنقلة، قائلاً: "إعادة تشكيل الفراغ تُنتج المعنى، والمسرح ليس فقط داخل الجدران، بل يتنفس في الطبيعة وفي كل بيئة نُعيد توظيفها."

أما المهندس عمرو عبد الله، فتناول تجربته في عرض راقص بعنوان "أعمق مما يبدو على السطح"، حيث استعان بالإضاءة الطبيعية والخلفيات النباتية في تشكيل اللوحة المسرحية، وقال: "الفراغ المسرحي شريك أساسي في إنتاج الجمال والمعنى."

واختتم الدكتور محمد سعد الجلسة باستعراض تجربته في مهرجان "أفينيون" الفرنسي، وكيف غيّر عرض "ماكبث" في فضاء مفتوح نظرته بالكامل لمفهوم الديكور المسرحي، مشددًا على أهمية إدماج التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز في تصميم الفضاء المسرحي المعاصر.

وقدّم سعد عرضًا بصريًا لمجموعة من العروض العالمية التي أعادت تعريف العلاقة بين النص والفراغ عبر أدوات رقمية تفاعلية، معتبرًا أن هذه التحولات ليست مجرد تقنيات، بل أدوات جديدة لصناعة لغة مسرحية حداثية.