إعادة تأهيل معبد الرامسيوم: تعاون بين مصر وكوريا للحفاظ على التراث الفرعوني

يناير 30, 2025 - 10:13
إعادة تأهيل معبد الرامسيوم: تعاون بين مصر وكوريا للحفاظ على التراث الفرعوني

كتب: مصطفي صلاح

يُعد معبد الرامسيوم أحد أبرز المعالم التاريخية التي تحتفظ بها مصر، وقد أُمر بتشييده الملك رمسيس الثاني في العصور القديمة لعبادة الإله آمون رع. هذا المعبد الذي يروي جزءًا من عظمة ومكانة رمسيس الثاني، أصبح اليوم في حالة من التدهور بسبب العديد من العوامل الطبيعية، أبرزها الزلزال الذي وقع في عام 27 قبل الميلاد. إلا أن أطلاله لا تزال شاهدة على تاريخ عظيم وأثر ثقافي هائل. وفي إطار سعي وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار للحفاظ على هذا التراث الثمين، بدأ المجلس في تنفيذ مشروع ترميم وإعادة تأهيل معبد الرامسيوم بالتعاون مع جامعة كوريا الوطنية للتراث الثقافي.

يهدف هذا المشروع إلى الحفاظ على المعابد المصرية القديمة بشكل عام، والمعبد الرامسيوم بشكل خاص، من خلال عمليات فك وترميم وإعادة تركيب الكتل الحجرية المدمرة للصرح الأول. كما يسعى المشروع إلى توثيق وتحليل أساليب البناء التي استخدمها المصريون القدماء في تشييد هذه المنشآت العظيمة. ويشمل المشروع دراسة المسح والرفع المعماري للموقع، بالإضافة إلى أعمال الحفائر للكشف عن الكتل الحجرية التي كانت جزءًا من الصرح، مما يسهم في إعادة بناء الصورة الكاملة للمعبد. كما سيتم توثيق النقوش والكتل الحجرية وتسجيلها في قاعدة بيانات علمية تساهم في حفظ هذا الإرث الثقافي.

وخلال الجولة التفقدية التي قام بها الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أكد على أن المشروع يهدف إلى تقديم التوثيق العلمي للمعبد عبر وسائل مبتكرة من تصوير فوتوغرافي ورفع معماري، وكذلك التحليل العميق للنقوش الهيروغليفية الموجودة على جدران المعبد. وأضاف أن المشروع لن يقتصر على الترميم فقط، بل يمتد إلى دراسة تأثير هذه الأعمال المعمارية والفنية على باقي المعابد المصرية، من حيث الأساليب المستخدمة في البناء ونقل الكتل الحجرية الضخمة.

ومن جانبه، قال الدكتور عبد الغفار وجدي، مدير عام آثار الأقصر، أن البعثة بدأت أعمال الحفائر العلمية حول الصرح الأول، حيث تم الكشف عن أساسات الصرح وأساسات سور خارجي للفناء الأول، إضافة إلى اكتشاف بعض الكتل الحجرية المنقوشة التي تمثل واجهة الصرح الأول. وأوضح أن هذه الاكتشافات ستساهم بشكل كبير في فهم الأسلوب المعماري الذي استخدمه المصريون القدماء في بناء المعابد، وتُعتبر من أهم النقاط التي تدعم أعمال الترميم.

وفيما يخص المعبد نفسه، فهو يقع في منطقة الأقصر ويعد أحد المعابد الأكثر شهرة في مصر القديمة، حيث كان يُستخدم لعبادة الإله آمون رع. ورغم أن المعبد تعرض للدمار بسبب الزلزال الذي ضرب مصر في عام 27 قبل الميلاد، فإن أطلاله تظل شاهدة على عظمة هذا المعلم. يُحيط بالمعبد سور ضخم من الطوب اللبن، ويصل طول المعبد إلى 180 مترًا وعرضه 66 مترًا، كما يضم المعبد تصويرًا لواحدة من أشهر المعارك التي خاضها الملك رمسيس الثاني، وهي معركة قادش، والتي تُعتبر من أهم الأحداث العسكرية في تاريخ مصر القديمة.

تُعتبر عملية ترميم معبد الرامسيوم جزءًا من خطة أوسع تسعى وزارة السياحة والآثار إلى تنفيذها لحماية التراث الثقافي المصري، وفتح المجال أمام السياحة الثقافية بشكل أوسع. من خلال هذه المشاريع، تهدف مصر إلى جذب السياح من جميع أنحاء العالم للتمتع بتجربة سياحية ثقافية غنية، تتيح لهم اكتشاف جزء من تاريخ مصر العظيم. كما تهدف الوزارة إلى تطوير مناطق جديدة لزيادة جذب الزوار وزيادة فرص الاستثمار في السياحة.

في الختام، يعد مشروع ترميم معبد الرامسيوم خطوة مهمة في الحفاظ على التراث المصري وإحيائه من جديد، ويُسهم في تعزيز مكانة مصر على الخريطة السياحية العالمية. وإن نجاح هذا المشروع سيكون له تأثير إيجابي كبير على السياحة الثقافية في مصر، ويُسهم في تقديم تجربة سياحية مميزة للمصريين والأجانب على حد سواء.