ندى محمد هاشم: الكتابة لم تكن قرارًا... بل رسالة وجدتني

يونيو 22, 2025 - 21:12
يونيو 22, 2025 - 21:14
ندى محمد هاشم: الكتابة لم تكن قرارًا... بل رسالة وجدتني

حوار: ياسمين مجدي عبده

كاتبة شابة، متمسكة بصدقها، لا تسعى خلف الأضواء بقدر ما تسعى إلى الضوء الذي يخرج من داخلها. ندى محمد هاشم، واحدة من أبرز كاتبات الجيل الجديد، لم تصل بسهولة، لكنها لم تتوقف عن المحاولة. كان لقاؤنا معها لحظة صفاء استثنائية، عادت خلالها إلى ذاتها، وفتحت قلبها للكلمات والبوح.

■ لو أردنا التعرف عليك… كيف كانت بدايتك مع الكتابة؟

لم تكن بدايتي مدروسة أو مخططة. كانت أشبه برسالة وصلتني فجأة. لا أعرف من أرسلها، لكنني شعرت بأنني مطالبة بقراءتها... ثم الرد عليها، وكان ردي هو الكتابة.

■ هل كانت الكتابة جزءًا من عاداتك منذ الطفولة، أم ظهرت لاحقًا؟

الكتابة كانت دائمًا هناك، تختبئ بين دفاتري القديمة، وسط واجبات المدرسة ورسومات الطفولة. لكنها لم تُفصح عن نفسها إلا حين تعلّمت الصمت، واخترقتني الوحدة. عندها فقط، وجدت صوتي الحقيقي في الأوراق.

■ من كان أول من آمن بك وشجّعك في بداياتك؟

البدايات كانت عشوائية، لم أكن أُدرك طريق الكتابة ولا كيف أسلكه. لكن إحدى معلماتي كانت تشاركني في المسابقات وتدفعني من حيث لا أشعر. ثم، حين نضجت، بقي في ذاكرتي وجهٌ واحد لا يغيب. لم يكن يقرأ لي كثيرًا، لكنه قال ذات مرة:

"أنتِ مختلفة... لا تتوقفي عن أن تكوني كذلك."

هذا الصوت، رغم غيابه، ما زال يدفعني حتى اليوم.

■ كيف تختارين مواضيعك الأدبية؟

في الواقع، لا أختارها... هي من تختارني.

قد تظهر في لحظة شرود، أو في وحدة ليلية، أو حتى من كلمة عابرة. ما إن تطرق الفكرة بابي، حتى أبدأ بمتابعتها... وكلما كتبت، تكشف لي عالمها، قطعةً بعد قطعة.

■ ما رأيك في معوقات النشر الورقي اليوم؟ وكيف يمكن تجاوزها؟

الصعوبة الكبرى أن تجد لصوتك مكانًا في هذا الزحام.

الكثير يكتب، لكن القليل يُسمع.

النشر الورقي تحوّل إلى سوق، ودور النشر التي تؤمن بالكلمة أصبحت نادرة.

التجاوز يبدأ من الإيمان بالنص، وبالبحث عن جهة نشر لا تنظر فقط إلى الربح، بل إلى ما يمكن أن تخلّده الكلمة.

■ هل تكتبين للتعبير عن نفسك، أم لنقل رسالة؟

الكتابة عندي هي الاثنان معًا.

أكتب لأفهم نفسي أولًا، ثم لأفتح نافذة للآخرين.

إن استطاعت كلماتي أن تكون جسرًا بيني وبين من يشعر بالوحدة، فهذا يكفيني.

■ ما الذي يمكننا انتظاره في عملك القادم؟

عملي القادم أكثر جرأة، وأكثر صمتًا أيضًا.

هو غوص في الأعماق. لا أعد القارئ بأنه سيخرج منه كما دخل.

قد يبدو مألوفًا للوهلة الأولى، لكنه يحملني أنا، ويحمل قصصًا تشبه كثيرين مرّوا من نفس الدرب.

■ كيف تتعاملين مع النقد؟

بهـدوء.. أقرأه بعينيّ، ثم بعين القارئ الذي كتبه.

ما كان صادقًا أتعلم منه، وما كان جارحًا دون معنى... أتركه يتلاشى دون أن يلمسني.

■ هل مررت بلحظة فشل تحوّلت إلى نقطة قوة؟

لم تكن لحظة بعينها، بل شعور متكرر باليأس، وأن لا شيء يتحقق.

ذات مرة، قلت لأحدهم: "أحاول كثيرًا بلا نتيجة"، فرد عليّ:

"لا تسميها محاولات... اجعليها استثمارًا. والاستثمار ينجح على المدى البعيد."

ومنذها، تغيّر كل شيء داخلي.

■ لماذا تراجع الأدب الرومانسي في رأيك؟ وهل يمكن أن نرى فارسًا جديدًا لهذا اللون؟

لأن العالم أصبح أقسى، فهرب الناس إلى الخيال، ووجدوا في الرعب والفانتازيا تطهيرًا نفسيًا.

لكن الرومانسية لم تختفِ، فقط غيّرت ملامحها.

لم يعد الفارس أبيضًا، بل قد يكون رجلًا يكتب رسالة طويلة في زمن الرسائل القصيرة... من يهتم ويصغي ويرى، هذا هو الفارس الجديد.

■ ما نصيحتك لمن يريد الدخول إلى عالم الرواية؟

لا تكتب لترضي الآخرين... بل اكتب لأنك لا تستطيع التوقف.

اكتب لتفهم نفسك، لتكتشف من تكون.

الكتابة ليست طريقًا سهلاً، لكنها تصنعك كما تصنع حروفك.

■ تقييمك لهذا الحوار؟

كان يشبه المرآة.. جعلني أرى ما كنت أغفله، وأسأل أسئلة

كنت أظن أنني تجاوزتها.

شكرًا على هذه اللحظة... لقد أعادتني إلى ذاتي.