بالتزامن مع تصريحات ترامب.. مكالمة مسربة بين عبد الناصر والقذافي تشعل الجدل.. ومكتبة الإسكندرية تخرج عن صمتها

كتب: مصطفى صلاح
في مشهد أثار تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر تسجيل صوتي نادر لمكالمة بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مدته لم تتجاوز الثماني عشرة دقيقة، تناولت قضايا قومية عربية حساسة أبرزها القضية الفلسطينية، وقناة السويس، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدعم الأمريكي له، إضافة إلى الحديث عن رغبة بعض الدول العربية في دفع مصر لمواصلة القتال ضد إسرائيل. ومع تزايد انتشار المقطع، أثيرت تساؤلات عدة حول مصدر التسجيل وكيفية خروجه إلى العلن، لا سيما أنه يُفترض أن يكون ضمن ممتلكات محفوظة بموجب اتفاقات رسمية مرتبطة بمكتبة الإسكندرية.
المكالمة المسربة جاءت متزامنة مع تصريحات مثيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي زعم أن بلاده صاحبة الفضل في وجود قناتي السويس وبنما، مطالباً بمرور السفن العسكرية الأمريكية بالمجان عبر قناة السويس، وهو ما منح انتشار التسجيل زخماً إضافياً وجعل توقيته محط اهتمام وتحليل.
وسارع مسؤول بمكتبة الإسكندرية إلى نفي أي علاقة للمكتبة بالتسجيل المتداول، مؤكداً أن القناة التي نشرته لا تتبع المكتبة بأي شكل من الأشكال، سواء في إدارتها أو محتواها. وأوضح المسؤول أن المواد المتعلقة بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، التي تحتفظ بها مكتبة الإسكندرية، قد تم تسليمها بموجب بروتوكول تعاون أُبرم منذ سنوات بين الدكتور إسماعيل سراج الدين، رئيس المكتبة الأسبق، والدكتورة هدى عبد الناصر، ابنة الزعيم الراحل، وينص على أن تكون جميع المواد مصدرها أسرة الرئيس الراحل فقط، وأن مسؤولية النشر تقع على عاتق الأسرة لا المكتبة.
ورغم محاولات «نبض الخبر» الحصول على تعليق رسمي من أسرة الرئيس عبد الناصر بشأن التسريب، فإن الأمر لم يُحسم حتى الآن. وأمام حالة الجدل، كشفت مكتبة الإسكندرية في بيان رسمي أنها لا تتحمل أية مسؤولية عن المواد المتداولة خارج الموقع الرسمي الذي أنشئ بالتعاون مع مؤسسة "جمال عبد الناصر" عام 2004، مشددة على أن دورها اقتصر فقط على الجانب التقني لحفظ المواد الرقمية وإتاحتها بهدف صون الإرث الثقافي والسياسي للزعيم الراحل للأجيال القادمة.
وأكدت المكتبة أن الموقع الرسمي لجمال عبد الناصر لا يمتلك أي صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، محذرة من التعامل مع أي محتوى يُنشر خارج هذا الإطار الرسمي، كما شددت على التزامها بأعلى معايير المهنية في التعامل مع التاريخ السياسي، وضرورة الاعتماد على مصادر موثوقة عند تناول مثل هذه الموضوعات الحساسة.
التسجيل الذي حمل نبرة عبد الناصر المنتقدة لما وصفه بالمزايدات على دور مصر، تضمن جملة لافتة قال فيها: "إذا كان حد عايز يكافح ما يكافح، إذا كان حد عايز يناضل ما يناضل"، في إشارة إلى الانتقادات التي كانت تتعرض لها مصر بعد نكسة 1967 ودخولها مفاوضات السلام. ويعتقد بعض المحللين أن توقيت بث المكالمة، الذي يتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة، ربما لم يكن مصادفة، بينما اعتبر آخرون أن المضمون يتسق مع السياق التاريخي المعروف عن تلك المرحلة.
ووسط كل هذا الجدل، تجد مكتبة الإسكندرية نفسها مضطرة إلى التنويه مجدداً بأنها لا تتبنى ولا تروج لأي محتوى يتعارض مع رسالتها الأكاديمية والبحثية، مؤكدة أن العمل على حفظ التراث الوطني لا يعني التدخل في نشر أو تسريب مواد خارجة عن الاتفاقات الرسمية. ومع استمرار الضجة، ينتظر كثيرون توضيحات إضافية من أسرة الرئيس عبد الناصر التي تبدو، حتى اللحظة، ملتزمة الصمت.