الطرق تحولت إلى مقابر مفتوحة.. توسعة بلا أمان والمشاة ضحايا للإهمال

كتبت: نور التلباني
في مشهد مروّع يتكرر يوميًا، يسقط الأبرياء قتلى تحت عجلات السيارات المسرعة في الشوارع، ليس بسبب تهورهم، بل لأن الدولة قررت توسيع الطرق دون أن تكلف نفسها عناء إنشاء كباري أو أنفاق أو إشارات للمشاة تحمي أرواحهم. توسعة الطرق قد تكون ضرورية، لكن تنفيذها دون مراعاة حقوق المشاة قد حولها إلى مشاريع للموت بدلًا من التنمية!
ضحايا على الأسفلت .. والمبرر: التطوير
في أحد الأيام، كنت شاهدة على فاجعة إنسانية جديدة. رجل ستيني حاول عبور الطريق بعد أن أزيل كوبري المشاة الوحيد في المنطقة بحجة التطوير، لكنه لم يصل للجانب الآخر! سيارة مسرعة أطاحت به، ليلقى مصرعه في الحال وسط صراخ المارة وعجزهم عن فعل شيء لنجدته. لم يكن الضحية الأولى ولن يكون الأخيرة، فالطريق نفسه شهد خلال أيام قليلة حوادث مماثلة، حيث قُتلت سيدة أمام طفلها الصغير، ودهس شاب أثناء محاولته العبور بعد توسعة الطريق ليصبح أشبه بـ"مصيدة للموت".
وكمواطنة من سكان حي مصر الجديدة، لم أعد أسمع إلا عن الحوادث المآساوية اليومية التي تودي بحياة المواطنين، خاصة في شوارع مثل جسر السويس (وتحديدًا منطقة سنترال مصر الجديدة)، وشارع الحجاز (أمام رئاسة حي مصر الجديدة)، وشارع الثورة (الميرغني)، وهي من أكثر الشوارع التي تعاني من توسعة غير مدروسة وغياب وسائل الأمان للمشاة. إحدى الضحايا كانت سيدة مسنة من سكان الحي، حاولت عبور الطريق، لكن سرعة السيارات لم تمنحها الفرصة، ففارقت الحياة في الحال!
مشاريع تطوير أم مقابر مفتوحة؟
المنطق يقول إن توسعة الطرق يجب أن تجعل الحياة أسهل، لكنها في واقعنا تحولت إلى خطر داهم على أي شخص يجرؤ على عبور الشارع. الطرق أصبحت أوسع، السيارات أسرع، والمشاة باتوا مضطرين للمغامرة بحياتهم يوميًا، لأن المسؤولين قرروا أن "الكباري والأنفاق والإشارات مش ضرورية"!
هل حياة المواطن أرخص من بناء وسلئل عبور أمنة للمشاة؟
لماذا لا يتم التخطيط لتوسعة الطرق بشكل يحمي الجميع؟
إلى متى تظل أرواح الأبرياء مجرد أرقام في تقارير المرور؟
المسؤولون: الصمت سيد الموقف
رغم تزايد أعداد الضحايا، لم يصدر أي تصريح رسمي يوضح سبب إهمال حقوق المشاة في خطط التوسعة. لا أحد يتحدث عن حلول، ولا أحد يعترف بأن هذه الحوادث هي نتيجة مباشرة للإهمال والإغفال وسوء التخطيط. هل ننتظر سقوط المزيد من القتلى حتى يتحرك المسؤولون؟ أم أننا في دولة تفضل إنشاء طرق سريعة للموت بدلًا من التطوير؟
الخلاصة: إلى متى؟
الطرق التي توسعت دون كباري أو أنفاق أو إشارات مشاة لم تحل الأزمة، بل صنعت أزمة جديدة. المواطن ليس مجبرًا على الاختيار بين الموت تحت عجلات السيارات أو الانتظار لساعات للعثور على فرصة لعبور الطريق بأمان. الحلول موجودة، لكن غياب الإرادة والتقاعص عن التنفيذ هما المشكلة الحقيقية. فهل نرى تحركًا قبل أن تتحول كل هذه الطرق إلى "مقابر مفتوحة"؟